عمي جابر وحفل الزفاف احتفل في زفاف ابنه وصفق بكلتا يديه، وحمائم السعادة ترفرف فوق رأسه... وعيناه استعارهما الزمن الغادر، تاركًا فراشات بصيرته تداعب شموع الحياة... لتبقى جفونه في حراك دائم، وهو الفاقد البصر بيننا!!! ولا أعلم من هو الأعمى؟ ومن هو البصير؟! و.. “هل يستوي الأعمى والبصير”؟! *** إياكِ أعني واسمعي يا جارة دخل المجلس شارد العقل، رجلاه تسابق جسده، اللعاب يسيل من فمه، والعرق يتصبب من جبينه!! رحب به هذا و(طنشه) ذاك!!! وفي طرف المجلس تجلس شخصية اجتماعية معروفة، فدنا منها هذا المسكين، فتظاهر الوجيه أنه محتاج لقضاء الحاجة... وهرب من المجلس!!! *** اللي اختشوا ماتوا! يشمر عن ساعديه كل صباح ومساء... يلتقط القمامة بين المساكن المعمورة والمهجورة... يهرول مسرعًا تجاه علبة مشروب غازي، ليخبئها في جيبه قبل أن تطالها يدُ غيره!! وفي طرف السوق يخرج شاب مفتول العضلات، ويرمي قمامته على الأرض صارخًا هازئًا بأعلى صوته: (صديق أنت ما في مخ؛ ليش أنت ما في نظف زين؟)!! *** بداية ونهاية يعمل بكل جد واجتهاد وتفان... يزور هذا ويعود ذاك، فيصاب بوعكة صحية في اليوم التالي، تجعله غير قادر على الحراك، ويترك وحيدا مُهملا!!! وتكون نهايته قبل وفاته “مستشفى العجزة”!!! ليكرمه مجتمعه بعد صحوة البحث عن الذات والتفاخر... فحقًّا صدقت مقولة: “في المقابر يكرَّم المبدعون”. *** عيون المها على تراب قبر زوجته -الراحلة للتو عن عمر ناهز السبعين عامًا- خطّت أنامله حروف الحسرة والحزن.. تأوه بحرقة وأجهش بالبكاء طوال أيام العزاء!!! وفي اليوم الرابع نصحه جاره سالم بالزواج من العشرينية مها!!! *** رؤوس ملونة يمتدح هذا ويذم ذاك في خفاء دامس.. وترتمي الأقدار على عجالة الأيام لتجمعه بهم على مائدة المصالح الخاصة، فيُسأل: لماذا فعلت بي هكذا؟! لتكون الإجابة المعتمدة نهائيًا: المصلحة العامة تقتضي ذلك، (والمخرج عاوز كده)!! *** اللي على راسه بطحة يحسس عليها يؤمن بالعلم والتعلم من طرف.. يتدخل في كل صغيرة وكبيرة في مجتمعه.. يلوم هذا، ويجرح ذاك، وحين يواجه المجتمع يقول: نحن نؤمن بالتخصص!!! *** البائع المتجول كانت الشوارع مزدحمة، والطرقات متهدمة، والعم صالح يدفع عربته المتهالكة.. إلى أن وصل إلى طرف السوق المجاور. فأنزل منها ما عليها من صناديق الفاكهة والخضروات في طريق ملتوية كالثعبان، ونادى بأعلى صوته: بعشرة ريالات، بعشرة ريالات... فاقتربت منه سيارة فاخرة ونزل منها رجلٌ ذو وجاهة... فصال وجال معه في سعر صندوق الطماطم قائلًا: (ما في دسكاونت، ولا تخفيضات، ولا عروض صيف؟)!! *** اعتصار وانكسار عاش بداية عمره في قرية صغيرة وفقيرة، كاد أن يموت جوعًا... وبعد أن كبر رحل إلى المدينة ذات الترف المعيشي.. التقى ذات يوم بصديق له وسأله: هل الذين يعيشون في تلك القرية من أبناء عمومتك؟ فقال: لا، ممكن تشابه أسماء!! فاعتصر قلب صاحبه ألمًا من حاضره القاسي، وحن لماضيه الجميل، ليخط على أروقة الورق: “اللي ما له أول أكيد ما له تالي”.