في خضم حياتنا العملية، نجد أنفسنا أمام طيفٍ واسعٍ من الأساليب الإدارية، فتارةً نجدُ مُديرين يفتقرون إلى الحنكة والمهارة في إدارة ادارتهم، وعلى النقيض الآخر نجد مُديرين يتميزون بقدراتهم لسير دفة ادارتهم بكفاءة ومهارة عالية، ولكن هل هم بالفعل من يتحكمون في نجاح إداراتهم ومؤسساتهم؟ وهل لديهم القدرة على بناء بيئة عمل مثمرة تدفع الإدارة نحو نجاحٍ مذهل لتحقيق الأهداف المرجوة؟ في عام 2013 تم إجراء دراسة تطبيقية على عينة مكونة من 80 شركة في المملكة العربية السعودية بإجمالي 400 مشاهدة حتى عام 2018 ليتضح لنا أنه من المحتمل أن تؤثر السمات الشخصية للمديرين التنفيذين على الخيارات الاستراتيجية التي تتخذها الإدارات والنتائج المرتبطة بها. ومع تركيز المؤسسات والكيانات على تحسين الأداء المالي، ظهر مفهوم جديد ناتج عن تزايد الكوارث البيئية يكمن في الأداء المستدام لتحقيق التوازن بين الأداء الاقتصادي والجوانب البيئية الاجتماعية، ويُشير هذا المفهوم الهام إلى الإدارة المتزامنة لثلاثة أبعاد تشمل الربح، وأفراد المجتمع، والبيئة المحيطة، كما أن هذا المفهوم يُلقي جُلّ اهتمامه على الاحتياجات الاجتماعية والبيئية، وهو ما يُشار إليها بالمسؤولية الاجتماعية للمؤسسات كما تفعل ذلك بالنسبة للأرباح. وقد ينظر الكثير من المدراء إلى إنفاق المؤسسات على المسؤولية الاجتماعية للشركات بأنه يضر بقيمة المؤسسة، حيث يرى البعض أن المسؤولية الاجتماعية الوحيدة للمؤسسة هي تعظيم أرباح الشركة، مما أدى ذلك لدفع المدراء إلى تجنب الإنفاق على المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة خوفًا من تخفيض الموارد المتاحة للمشاريع المربحة الأخرى. وفي المقابل المدراء الناجحون ينظرون إلى المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات كاستثمار حقيقي، لأن المؤسسات تعود إليها فوائد عظمى من الانخراط في إدارة مخاطر أصحاب المصلحة المُلبية للوائح والالتزامات والأعراف الاجتماعية السائدة. ويتمتع المدراء الناجحون بسمات شخصية معينة تؤثر على أسلوب قيادة ادارتهم وبالتالي على عمليات المؤسسة ، فالمدير الناجح يتميز بقدرته العالية على الاستماع الجيد، ونشر الإيجابية، وتعزيز قدرات الآخرين والاعتراف بها، وكذلك احترام الفريق وعدم تجاهله أو تجاهل أفكاره. كما حرصت قيادة المملكة على الاهتمام الجيد بقضايا الوطن والمواطنين، ومن أهم الأمور التي تم التركيز عليها هو الإصلاح الإداري قناعةً بأهمية هذا المرتكز كعنصر أساسي للتنمية، فكان من رؤية المملكة 2030 إيجاد سلوك أخلاقي يحكم علاقات المجتمع ويُقوّم الأداء الإداري ويطوره لبناء الثقة في قطاعات الدولة المختلفة، وبالتالي نجد تطورًا وانعكاسًا إيجابيًا على الاقتصاد الوطني السعودي. ونجد أيضًا أن شخصية المدراء سببًا رئيسيًا في نجاح الإدارات والمؤسسات، والمدير كما عليه الحرص على الجانب المالي، عليه أيضًا أن يتمتع بمعايير الأخلاق الإدارية كالتحلي بالمهارات الفكرية في تقييم المشاكل وإيجاد الحلول المناسبة، بالإضافة لاستغلال ما يتوفر من معلومات لاتخاذ قرار صائب ومستنير. ومنذ عام 1950 كان التطوير الإداري أبرز مجالات إدارة شؤون الموظفين أو الموارد البشرية وهو ما يسمى بثورة الإدارة ليبدأ التطوير الإداري بالنظر جيدًا إلى أهداف المؤسسة، والتنمية الذاتية من خلال التعليم والتدريب، وادارك المدراء بالمهارات الفنية،ومهارات العلاقات الإنسانية، وكذلك المهارة المفاهيمية التي تمزج بين الرؤية والذكاء والخيال. كما أن المدراء الناجحون المؤثرون في مؤسساتهم لديهم حافز للعمل كبير، ويتمتعون بخبرة عالية في انتقاء أعضاء فريق العمل وتأسيسهم بشكلٍ جيد، وكذلك إتقان فن التواصل، بالإضافة إلى امتلاكهم لفلسفة الأعمال، والقدرة التنافسية، وتجاوز ضغوط العمل بمهارة، واتباعهم للقوانين والتنظيمات الإدارية عن ظهر قلب ليصلوا إلى أهدافهم المرجوة محققين أكبر النجاحات وبأعلى الأرباح الممكنة والسمعة الطيبة في سوق العمل. وعلينا أن ندرك جيدًا أن شخصية المدير هي من بيدها أن تبني مؤسسة أو تهدمها، هي من بيدها أن تُجهز فريق عمل على كفاءة ومهارة عالية وتوفر بيئة عمل آمنة ومحفزة لهم لترى نجمها ساطعًا في بيئة العمل يومًا بعد يوم، كما أن الاعتراف بالقيم الإنسانية يضمن استمرارية علاقة سليمة ووطيدة بين المديرين والموظفين ليسهم في الأخير ببناء بيئة مهنية ناجحة ومؤثرة في المجتمع. د. نهى الوقداني