نَظَمَ النادي الأدبي الثقافي بالطائف قصيدة وفاء رائعة عندما أقام أمسية ثقافية عن الشاعر الكبير محمد الثبيتي -سيد البيد- في مسقط رأسه -بني سعد- ضمن سلسلة من الأمسيات التي دأب النادي على إقامتها في المحافظات والمراكز التابعة للطائف؛ بهدف تنشيط الفعل الثقافي في الزوايا المنسية، وتحريك المياه الراكدة في المساحات المهجورة، بمنهجية مُزدوجة تحمل في طياتها الوصول بالنشاط المنبري للنادي إلى أقاصي الأمكنة بعد أن -أصابه الوهن واستمرأ الركون إلى التقليدية المُفرطة رُدهة من الزمن- إضافة إلى تكريم المُبدعين من أبناء المنطقة المُزارة. هذه المبادرة الإيجابية من النادي الأدبي تعكس فكراً إدارياً مهموماً بالشأن الثقافي ابتعد كثيراً عن بهرجة المنصب، والتصق أكثر بهموم المثقف واحتياجات ساكني الهجر والمحافظات، ورأى أن من حق النادي أن يذهب لهذه الشريحة المتعطشة لينابيع الثقافة في عُقر دارها ويتحاور معها، ويُقدم لها وجبة ثقافية تطفئ عبث الإهمال التالد، وتفتح آفاق الأمل المستقبلي في التعاطي الإيجابي مع كل ما يخدم الفكر والثقافة. هذا الدور لن يقوم به إلا من يشعر بأن الثقافة جزء لا يتجزأ من تكوينه الشخصي؛ لذا فهو ينطلق بمشروعه التطويري بناءً على رؤية واضحة، وفكرة خلاّقة، مهملاً كل المُثبطات المُتكئة على خلّفيات واهية، والمنعكسة سلباً على إبراز منجزه الفكري، معتمداً على لغة العقل وإملاءات المنطق؛ متسلحاً بشجاعة إيجابية للدفاع عن مشروعه، وتحويله إلى واقع ملموس يخدم الحركة الثقافية. هذا النموذج من المثقفين هو من سيعيد إنتاج الثقافة بروح العصر الذي نعيشه شريطة مسايرة تقدمه وتطوره؛ عن طريق تهميش الأفكار والأنماط السلوكية المُحبِطة، والبحث في مكنون النفس الإنسانية عن آليات جديدة لاستنطاق الطاقات الكامنة، وحثها على ممارسة الإبداع الذاتي، وتأسيساً على ذلك فإن المثقف الواعي يجعل الأدوار المطلوبة منه -على الرغم من تباينها- كأنها لوحة بانورامية، فعليه تقع قيادة مجتمعه من خلال تبنيه للصيغة المثلى في كيفية التعامل مع الاختلاف في وجهات النظر المتباينة، وتفعيل مبدأ الحوار البنَّاء، وتطبيق سياسة الاحتواء، ونبذ آفة الإقصاء، بل يتجاوزها إلى إحداث تغيير شمولي في نمطية التفكير السائدة جراء الإسقاطات السلبية المتواترة، والتي حجمت المنابر الثقافية والأدبية عن القيام بأدوارها المناطة بها. فللمثقف حماد السالمي -رئيس النادي- وكوكبته أصدق عبارات الشكر، وأعذب مُفردات الوفاء التي نثروها قبل أن أُوجهها لهم؛ جراء الخطوات التطويرية التي اختطوها لتفعيل الدور المأمول للنادي الأدبي؛ الذي يُعد منبراً لتقديم الخطاب الثقافي بمفهومه التنويري، والشكر موصول للأستاذ خيران الثبيتي -منسق الأمسية- وكوكبته على روعة التنظيم، وكرم الوِفادة. دعوة : نرفعها ابتهالاً للمولى -جلت قدرته- بأن يمَّن على سيد البيد بالشِفاء العاجل؛ ليعود إلينا عازفاً منفرداً، وبلبلاً مُغرداً بالإبداع على أوتار عاشقة الزمن الوردي. [email protected]