ظلّت مهنة المعلم على مر العصور من أهم المهن المشكّلة لواقع الأمة والراسمة لمستقبلها، كيف لا وعملها العناية بالعقل البشري الذي كرّم الله به بني آدم وتمكّن من خلاله القيام بدوره في خلافة الأرض وإعمارها، فهو أهم مقومات قدرة الإنسان على أداء رسالته في الحياة، ذلك الإنسان الذي يعدّ أنفس ثروات الأمة وأثمنها، ويكفيها شرفًا ورفعةً أنها مهنة الأنبياء والرّسل و“العلماء ورثة الأنبياء” فالمعلم يضيء دياجير ظلام العقول بمشكاة العلم، ويهذّب الأخلاق ويسمو بها، ويقوّم ما عوج من السلوك ويحفز الملكات الذهنية، ويصقل المواهب، ويصل بالذكاء الفطري إلى أفضل تطور ونمو، وهو يشكل حجر الزاوية في المنظومة التعليمية وعمودها الذي يتعذر بدونه أداء أي مؤسسة تعليمية لدورها. ذلك الذي عرف له المسلمون مكانته وتسابق أبناء الخليفة العظيم في تقديم نعليه له. وعلى هامش احتفالنا بيوم المعلم الذي يصادف الخامس من أكتوبر من كل عام نتاجاً للتوقيع على مذكرة عام 1966 بين منظمة اليونسكو ومنظمة العمل الدولية “بشأن أوضاع المعلمين والدور الذي يقومون به في توفير التعليم الجيد للأجيال الصاعدة” حيث بدأ الاحتفال سنوياً بتكريم المعلمين عالمياً منذ عام 1994. لعلّنا نستشعر عظم دوره تجاه فلذات الأكباد أعز ما نملك فنقدم له في ذلك اليوم كل تقدير وعرفان، ولعمري إن المعلم ينتظر منا الكثير حيال ذلك، تشجيعه وإشعاره بتفاعلنا مع همومه وتطلعاته، فنذلّل معوّقات أدائه لرسالته ونحميه من بعض الإدارات التسلطية ونحفزه مادياً ومعنوياً فنوفر له التأمين الطبي ونصرف مكافآت تشجيعية للمتميزين ونوجّه الأبناء إلى أهمية احترامه وتعظيم حقه ونعتني بتوفير وسائل تطوير إمكاناته المواكبة لمتغيرات العصر، لتكون بعض هدايا تقدم له يوم تكريمه، وأخيراً لنسأل أنفسنا من تذكر معلم ابنه في ذلك اليوم بوردة عرفانا مشفوعة؟ “معلمنا دمت لنا شمعة تضيء عقولنا وتقودها إلى مستقبل زاهر بإذن الله”. لطيفة إبراهيم الأحمدي - جدة