* يسرد الروائي البرازيلي باولو كويلو في «الخيميائي»، قصة عن أحد كبار متصوفة الإسلام في كيفية استفادته من تجاربه الحياتية والتي كانت إحداها من لص لم ييأس من تحقيق أهدافه وذلك بترديده «لم أُوفَّق هذا المساء لكنني إن شاء الله سأعاود المحاولة في الغد». فكنت، يقول الصوفي أردد ذلك عندما أشعر بعدم تحقيق ما كنت أرغب فيه، فيمنحني ذلك القوة على المتابعة. * ولي صديق عرك الحياة وعركته يحكى لي دائمًا عن تجاربه التي مرت به والتي تزيد في عمرها الزمني عن أربعين عامًا. يقول الصديق: «منذ سن مبكرة في حياتي توفي والدي وأنا بعد لم أُنْهِ المرحلة الابتدائية من الدراسة، فتحملت مسؤوليات جسام تعصى على الكبار ولكني جعلتها تحدٍ للحياة ولإثبات الذات». * «طبعًا، كان ذلك بتوفيق الله فقد كنت أشعر في كل خطواتي أن الله معي وهو ما زادني عزيمة وإصرارًا حتى وإن واجهت صعوبات ضخمة. فبقدر ما كنت أحقق نجاحات في الدراسة بقدر ما كنت أواجه انكسارات، ولكن ليقيني بالله ثم معرفتي بصعوبة الحياة وإيماني بقدراتي الذاتية كنت أجعل من تلك الانكسارات آليات تحفيز ودوافع لتحقيق أهدافي». * «واليوم عندما أنظر إلى تلك الأيام وصعودها وهبوطها أشعر بفخر لا يفهمه غيري. فمن حولي من الأهل والأصدقاء وهم يعرفونني تمام المعرفة يعتقدون أنني لم آخذ نصيبي ولم أصل إلى مكانة أرفع مما أنا فيه». * يواصل الصديق، «قد يكونون مُحقِّين بعض الشيء ولكني أيها العزيز أُدرك بكل حواسي ويقيني الداخلي أنني بخير وأن ما لم أحققه اليوم قد يتحقَّق غدًا بعون الله وتوفيقه، خاصة في أكثر انكساراتي العاطفية. فأنا ربما لتركيبتي النفسية ونتيجة لطبيعة تنشئتي أجهل فهم أوليات ومسلمات في هذا مجال». * «كنت في بعض لحظات عمري النادرة أشعر وكأني أُلامس السحاب وأُعانق كبد السماء، أُحلق في فضاءات علوية، وأُبْحِرُ فوق شواطئ حالمة، وفجأة وبدون أن أدري أهوى إلى درك سحيق في باطن الأرض..!! ومع ذلك لم أيأس، لأن اليأس ليس في قاموسي». * انتهى حديث الصديق، أما أنا فمع هذا القصص كثيرًا ما أعود إلى نفسي خاصة عندما أواجه صعوبات فأقول لذاتي: إن تَعلَّم الصوفي عدم اليأس والصديق مقاومة الإحباط فلا أقل من أن أجعل تجاربهم حافزًا ذاتيًا لي حتى وإن بلغت الانكسارات زَبد الأرض، وهو ما أتمناه لكل من يظن أنه لن يُحقِّق شيئًا لسبب أو لآخر وكما يقول باولو كويلو عن بطل روايته: «عندما تريد شيئًا ما، حقًا، فإن الكون بأسره يطاوعك للحصول عليه». فاكس: 6747590 – جدة [email protected]