(كانت مُنضبطة كالنَّبض.. تسبقُ الشَّمس بأمنية كُل صباح، وتستقلُ باص نقل المعلمات لِمدة تزيدُ عن الساعتين، تحمِلُ على كتِفها - بِجانب هدفها النبيل في التعليم - مشقة الطريق وعناء السفر، وأمنيَةً تخفف عنها وطأة ذلِك، ولَم تَكُن تعلم بأن الموت مستيقظٌ على جادّتهِ). هكذا تَحدّث الطريق المؤدي إلى إحدى الهجر، وقد نامت على جانبه حقيبة وَخِمار وبعض كُتب ملطخة بالدم، وحُلم صغير أكبر من مقاسها، لَم تستوعبه وزارة التربية والتعليم ولَم يلفت له مسؤول التأليم. ملامحُ الطريق كانت تُوحي بأن منحنى الأمنية والمنية يسيرُ باتجاهٍ طرديّ، لَم يَكن هو وَحده الشَّاهد على مأساةِ المعلِمة الموؤدة بِه، بل حوادث الطرق في تبوك وطريق الرياض الحجاز، والثالث والرابع والخامس تشهدُ وبدمٍ بارد على أكثر من ذلك. ولن تنتهي الأعداد في مناطقنا الحبيبة! طبعاً لا علاقة لذلك بالبريد الإلكتروني لوزارة النقل والمواصلات [email protected]!!، ولا علاقة لذلك بالإطارات الرديئة التي باتت تغزو أسواقنا في السنوات الأخيرة، ولا علاقة لذلك ب«وزارة الخدمة المدنيّة»، التي إلى الآن لا ندري هي لخدمة من؟!، ولا علاقة لذلك ب«وزارة التربية والتعليم» التي تعيّن كل معلمة في أقرب مدرسة لبيتها، وإن لم تفعل راعت ظروفها وعيّنتها ب«أقصى الحارة»، ولا علاقة لذلك بالشركات والمؤسسات التي تعدّ لنا الطرق، تلك الطرق المعبّدة إلى درجة نوم أصحاب السيارات أثناء قيادتهم من فرط الراحة!، ولا علاقة لذلك بعدم وجود جهة مسؤولة عن مراقبة وفحص السيارات المعدّة لنقل المعلمات من البيت إلى المدرسة ب(قلعة وادرين)!، فالأمر لا يكلّف السائق أكثر من مسألة توزيع رقمه هنا وهناك.. ووجود سيارة تستوعب أكبر قدر ممكن من الأجساد حتى لو كانت عجوزا متهالكة وتوحي برحلةٍ إلى الموت أكثر من الحياة!، ولا علاقة لذلك بوجود مدارس في هجرٍ وقُرى نائية تمّ إنشاؤها للفخذ الفلاني من القبيلة الفلانيّة، حتى لو كان عدد طالباتها لا يتجاوز ال(طعش)!، لا علاقة لذلك بكل ذلك!، ربما المسؤول الأوّل والأخير هو المعلمة نفسها! بما أنها (حرمة ليه ما انطقّت بالبيت)؟!!، لأنها لو فعلت لما تلطخت طرقنا البريئة ب«الدَّم».!