الاصل ان التنازع حول الأراضي يحال للمحكمة لصدور حكم قضائي بين المتنازعين حتى لو كان الطرف هو البلدية التي لا تعترف بإرث الملكية، ولا بالوثائق الموروثة بل ترى ان الناس كآدم لم يهبطوا على الأرض إلا بعد وجودها. القرار هو للقضاء إذا اصدر حكماً قطعياً وليست البلدية والشرطة أو لجنة الإزالة إلا جهة منفذة لتطبيق القرار، فهي ليست خصماً وحكماً ومنفذاً لقرار يصدر من البلدية، وقبل تنفيذ الإزالة حتى لو كانت بحكم قضائي لا بد من حصر ما على الارض من مساكن وزروع وآبار وغيرها وإثباتها في محضر، سواء عوض صاحب الأرض أم لم يعوض. نشرت الصحف يوم الاربعاء ويوم الخميس أن آليات بلدية بريمان في جدة، داهمت مزرعة ورثة فاقتلعت (400) نخلة وردمت البئر بحجة أن رجل اعمال قدم صكاً تعويضياً منقولاً من جنوبجدة، وأن قضية النزاع بين الورثة مالكي المزرعة البالغة (300) ألف متر مربع ورجل الاعمال منظورة في المحكمة في انتظار حكم قضائي، وانه مضى من جلسات المحكمة عشر جلسات وان لجنة خبراء في المحكمة قبل 3 سنوات اصدرت تقريراً بعد زيارة ميدانية للمزرعة المتنازع عليها تضمن عدم قدرتها على تحديد حدود الصك لعدم وجود بئر للمخطط اضافة لوجودهم لمزرعة قائمة بآبارها واشجارها، ونشر ايضا ان رئيس البلدية خالف توجيه سمو محافظ جدة بالتريث حتى صدور حكم قضائي قطعي وان مدير الشرطة ابلغ ان مشاركة الشرطة في الازالة ناتج عن معلومات مضللة من رئيس البلدية، وان صاحب المزرعة قال بإن الإزالة سعت لتغيير معالم المزرعة وشواهدها. هذه القضية ليست إلا واحدة من قضايا كثيرة تكون فيها البلديات طرفاً في النزاع، وتصدر قراراً بالإزالة وتنفذه، مع انها ليس جهة قضائية ولا حسم في النزاع إلا عن طريق القضاء، ولا إدانة إلا من جهة قضائية وينحصر دور لجنة التعديات في المراقبة ورفع ما تراه تعدياً للحاكم الإداري الذي سيحيله للقضاء، وهناك يكون العدل. عندما أقرأ ما كتبه المؤرخون عن الملكيات الفردية الموروثة اعجب كيف ينكر ذلك من هو منَّا في حين ارخ له مؤرخون أجانب، والمنكرون يحملون الموضوع أوهاما ليست موجودة إلا في اذهانهم، ثم ان الحيازات الفردية والعائلية تثبت (قديماً وحالياً) بالاستفاضة والوثائق ومعرفة الاعيان والشيوخ الذين يعرفون الاملاك المتوارثة منذ قرون ومنها ما يعود للعهد الجاهلي في مواطن الاستقرار السكاني. إن وجود ملكيات فردية او عائلية تتوارثها الاجيال أباً عن جد منذ قرون واقع لا يمكن تجاهله وقد كانت لها قوانينها واعرافها في القرى والهجر قبل ان يمن الله على بلادنا بالوحدة على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله، وقبل ان توجد المحاكم التي كانت محصورة في كبريات المدن كمكة والمدينة والاحساء والقطيف وغيرها ولم يكن التملك يستدعي صكاً من محكمة ومن اعجب العجب ان يصرح مسؤول في امانة جدة قبل حوالى 3 سنوات انهم لا يعترفون بالوثائق ولا بأي شيء آخر يثبت الملكية، والتساؤل هو هل حصرت الملكية في الاستحكام والاقطاع (المنحة) وهل كان الناس قبل ذلك لا يسكنون ولا يزرعون؟! ولا بد من الإشارة الى نقطة مهمة وهي ان مناطق المملكة تتفاوت في الملكيات الموروثة فالمناطق من تبوك شمالاً إلى نجرانجنوباً مناطق استقرار: فيها ملكيات فردية كثيرة، فلا يطبق عليها ما يطبق على غيرها مما لا يماثلها، واعرف ان الموضوع يحتاج إلى دراسة من خبراء حريصين على الحقوق ومراعاة المصالح العامة بعيداً عن الرأي الاوحد الذي ينظر به من بعض من يباشر الموضوع. حفظ الله بلادنا في أمن وأمان واستقرار.