نفى المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة المصري وجود أية خلافات أو قضايا عالقة بين المملكة ومصر عطلت انعقاد اللجنة العليا السعودية المصرية المشتركة، التي بدأت اجتماعاتها التحضيرية أمس الأحد وتنعقد غدًا الثلاثاء برئاسته هو ومعالي وزير التجارة عبدالله بن أحمد زنيل. وقال في حوار أجرته معه “المدينة”: لا توجد خلافات حتى يتم تأجيل اجتماع اللجنة العليا؛ إذ وصل الأمر إلى أنه في حال حدوث أي خلافات لا ننتظر المقابلات الرسمية، بل أرفع سماعة الهاتف وأتصل بصديقي وزير التجارة السعودي لحلها على الفوربطريقة ودية، وأكد المهندس رشيد أن الأمر يسير بشكل جيد بين البلدين في المجالات كافة.. مشيرًا إلى أن العلاقات وصلت إلى حد إصدار الرئيس حسني مبارك قرارًا جمهوريًا بأن يتولى وزير التجارة والصناعة رئاسة الجانب المصري في اللجنة العليا، كما أمر خادم الحرمين الشريفين بانتقال اللجنة من وزارة الخارجية إلى وزارة التجارة، وأضاف: نحن نجتمع لتعزيز العلاقات وتوسيع التعاون وليس لحل خلافات.. وفيما يلي نص الحوار.... *الخلافات تحل هاتفيًا * لماذا تأجل اجتماع اللجنة العليا أكثر من مرة؟ وهل كان وراء التأخير خلافات؟ وهل تجتمع في السنوات القادمة بشكل منتظم؟ ** لا توجد خلافات بين المملكة ومصر في أي شيء حتى يتم تأجيل اجتماع اللجنة العليا، حيث وصل الأمر إلى أنه في حال حدوث أي خلافات يتم حل الأمر بسرعة عن طريق الهاتف لا ننتظر المقابلات الرسمية، وأقوم بدوري كوزير لتجارة مصر برفع سماعة الهاتف وأتصل بصديقي وزير التجارة السعودي لحل هذا الأمربشكل ودي، وهو كذلك بالمثل، فالأمور تسير بين الدولتين بشكل جيد في المجالات كافة؛ في ظل القيادة الحكيمة لقادة الدولتين، كما وصلت العلاقات بين الدولتين إلى أن أصدر الرئيس مبارك قرارًا جمهوريًا بأن يتولى رئاسة اللجنة العليا المصرية السعودية وزير التجارة وهو على عكس الدارج في مصر، حيث يتولاها رئيس مجلس الوزراء، وهذا دليل على مدى عمق العلاقات القوية بين البلدين، وقد حرصت منذ بداية عملي وزيرًا للتجارة على إزالة أي معوقات لتنمية التبادل التجاري والاستثماري بين مصر والمملكة، إيمانًا مني بأنه لا يمكن الحديث عن علاقات مصرية عربية قوية في وجود معوقات في التعاون الاقتصادي بين مصر والسعودية. * ما الخطوط العريضة التي ستبحث خلال اجتماع اللجنة العليا بشكل عام؟ ** نحن نجتمع لمزيد من العلاقات ومزيد من التعاون بين الجانبين، وسيتم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم والتعاون بين البلدين بهدف زيادة حجم الاستثمارات المشتركة وتذليل العقبات أمام رجال أعمال البلدين من أجل إقامة مشروعات مشتركة، كما ستتم مناقشة بحث انضمام مصر إلى الاتحاد الجمركي لدول مجلس التعاون الخليجي كخطوة عملية نحو الاتحاد الجمركي العربي، وتحرير تجارة الخدمات بما يحقق صالح الطرفين، إلى جانب بحث القضايا المتعلقة بالسوق العربية المشتركة، وكيفية توحيد مواقف الدولتين داخل الجامعة العربية وداخل منظمة التجارة الدولية، فالبلدان يعملان معًا على جميع الأصعدة والمستويات العربية والإقليمية والدولية لتوفير الأمن والاستقرار والرخاء لشعوب المنطقة. * معالي الوزير، إلى أين وصل اهتمام الحكومة المصرية بتنمية العلاقات مع المملكة؟ ** هناك اهتمام كبير من جانب الحكومة بتنمية العلاقات الاقتصادية مع المملكة، وعلى المستوى الشخصي اهتمامي كبير بتنمية العلاقات مع المملكة، وما يدل على الاهتمام المشترك أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمر بانتقال اللجنة من وزارة الخارجية إلى وزارة التجارة والصناعة لدعم التعاون الاقتصادي بيننا، وحركة التجارة التي تشهد نموًا كبيرًا بين البلدين، والعلاقات المتميزة بين مصر والمملكة تؤكد أن القاهرة والرياض هما قطبا العلاقات والتفاعلات في النظام الإقليمي العربي وعليهما يقع العبء الأكبر في تحقيق التضامن العربي والوصول إلى الأهداف المنشودة، ومن هنا كان طبيعيًا أن تتسم العلاقات السعودية المصرية بالقوة والاستمرارية. لا قيود على رجال الأعمال * معالي الوزير، بعض رجال الأعمال يقولون إن هناك قيودًا لا تزال مفروضة على الاستثمارات بين المملكة ومصر.. كيف ترى ذلك؟ ** ليست هناك قيود مفروضة على رجال الأعمال، والأمور تسير بشكل طبيعي بين الجانبين، والمملكة تحولت إلى قبلة للاستثمارات العربية والعالمية لمن يريد أن يستثمر بها، خاصة بعد انضمامها إلى منظمة التجارة الدولية، وأصبحت الخطة الاستثمارية هناك تتسع لاستقبال استثمارات عربية وأجنبية وتشمل مجالات متعددة. * هل هناك خطة مصرية سعودية لمواجهة أي أزمة على غرار الأزمة المالية العالمية؟ ** اللقاءات السعودية المصرية تهدف إلى تجنب تأثير الأزمة المالية العالمية على خطط التنمية في البلدين باعتبارهما من أكبر الاقتصاديات العربية، حيث تم وضع حزمة لتجنب الآثار السلبية بهدف استمرار معدلات نمو الاقتصاد بين الجانبين، وهذه الأزمة أكدت بما يدع مجالًا للشك أن الاستثمار في المنطقة العربية أكثر أمنًا وبعدًا عن المخاطر التجارية والسياسية، وأكثر جدوى اقتصادية من حيث العائد على رؤوس الأموال المستثمرة، ويجب أن نستغل هذه المميزات لتشجيع المشروعات ورجال الأعمال العرب على تكثيف وزيادة أنشطتهم ومشروعاتهم داخل المنطقة العربية. * انتعاشة استثمارية * معالي الوزير، هل أنتم راضون عن حجم التعاون التجاري والصناعي بين البلدين؟ ** حجم التجارة البينية بين البلدين وصل إلى 5 مليارات دولار بعد أن كان800 مليون دولار عام 2005 ونسعى بكل الطرق إلى زيادة التعاون مع المملكة من خلال تذليل جميع العقبات وإقامة الطرق والمواني لتسهيل عملية الاستيراد والتصدير، وأتوقع أن يشهد حجم الاستثمارات المتبادلة بين البلدين انتعاشة كبيرة خلال الأعوام القادمة، خاصة أن المناخ الاستثماري في الدولتين مهيأ لإقامة مشروعات سواء بصورة مستقلة أو مشتركة في مختلف القطاعات، وأنه في حالة انضمام مصر إلى الاتحاد الجمركي الخليجي، وهو ما يتفق مع نتائج قمة الكويت الاقتصادية لإنشاء الاتحاد الجمركي العربي وتحرير تجارة الخدمات سوف يكون بمثابة تدشين حقيقي للتعاون الاقتصادي المصري السعودي. ضرورة وليست شعارًا *معالي الوزير، تلحون كثيرًا في تصريحاتكم على ضرورة الإسراع بإقامة السوق العربية المشتركة وإنشاء الاتحاد الجمركي العربي.. هل الدول العربية مؤهلة سياسيًا واقتصاديًا لتحقيق هذا الحلم أم سيظل حلمًا نسمعه فقط ولا نراه؟ ** السوق العربية المشتركة باتت ضرورة ملحة وليست شعارًا حتى يمكن للعرب أن يعيشوا في عالم تحكمه التكتلات الاقتصادية الكبرى، ويجري الآن في جامعة الدول العربية دراسة إقامة اتفاقية لتجارة الخدمات في الدول العربية وتحريرها باعتبارها مسألة مهمة للانتقال للمرحلة الثانية من التكامل الاقتصادي العربي، وإقامة الاتحاد الجمركي العربي من شأنه تعزيز القدرة العربية على التنافس عالميًا وتخفيف حدة الفروق بين الدخول والأسعار ويفتح الباب أمام السوق العربية المشتركة، والاتحاد الجمركي يتطلب وضع سياسة جمركية موحدة وتوحيد الرسوم، الذي من شأنه تعزيز القدرة التفاوضية للدول العربية للحصول على أفضل الشروط من الدول والمجتمعات الأخرى. * ما حجم ما تم تنفيذه من مقررات القمة الاقتصادية العربية الأولى، التي انعقدت بالكويت؟ ** قمة الكويت الاقتصادية أكدت ضرورة الربط السككي بين الدول العربية، وهو الآن يأخذ طريقه للتنفيذ، وهناك قرار إنشاء صندوق للتمويل بمبادرة من صاحب سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر، وتم جمع 30% من قيمة رأسمال الصندوق، وتم البدء بوضع اللوائح والقوانين، التي سيتم بموجبها تسليف أو إقراض المشروعات لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، أما الربط البري حاليا فمتكامل وبقيت بعض النقاط لاستكماله، وبالنسبة للاتحاد الجمركي، وهو أحد قرارات قمة الكويت الاقتصادية، فقد بدأنا الآن طرح موضوع الانتقال من منطقة التجارة الحرة العربية إلى الاتحاد الجمركي، وهناك لجان مختلفة تعمل على هذا الموضوع وتم اتخاذ خطوات جيدة حياله، فتنفيذ القرارات التي خرجت بها قمة الكويت الاقتصادية مهمة. * معالي الوزير، هل بدأت الاستعدادات للقمة الاقتصادية العربية الثانية؟ ** بالفعل تمت الاستعدادات للقمة الاقتصادية العربية الثانية في القاهرة. ومصر وجهت خلال الاجتماع الوزاري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي في دورته ال 86 التي عقدت بالجمعية العربية الأسبوع الماضي الدعوة لجميع الدول العربية للمشاركة في القمة، التي تعقد يوم 19 يناير المقبل بمدينة شرم الشيخ، وهو نفس يوم انعقاد القمة الاقتصادية الأولى في الكويت، وسيكون من أهم أهدافها متابعة القرارات التي اتخذت في القمة السابقة باعتبارها قرارات مهمة، ولا بد من تفعيلها وتنفيذها على أرض الواقع، وهناك خمسة محاور سيتم التركيز عليها في القمة الاقتصادية المقبلة، وهي الربط بين الدول العربية بمختلف أنواعه: البري والسككي والجوي والربط الكهربائي في منظومة الطاقة ومشروعات الأمن الغذائي، وهناك مجموعة أخرى من المحاور ستسير جنبًا إلى جنب مع المحاور السابقة.