تحولت ساحة مركز الملك عبدالعزيز التاريخي بالرياض مساء أمس الاول إلى مشهد تراثي فريد ومسرح للعروض الشعبية والثقافية، جسّد ذلك مسيرات الهجن التي تطوف أنحاء المركز بين الدكاكين والبسطات الشعبية التي تعرض أنواعا من الحرف اليدوية والمصنوعات والمنسوجات والأكلات القديمة، وسط جوٍ تعالت فيه أصوات الهجّانة بالحداء والأهازيج الشعبية. يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه المملكة احتفالات شاملة بمناسبة مرور 80 عامًا على تأسيسها على يد المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. ووضع مسؤولو الهيئة العامة للسياحة والآثار في اعتبارهم أن تكون الفعاليات المنفذة في المركز التاريخي ملائمة للمكان المنفذة فيه، يقول مدير جهاز التنمية السياحية بمنطقة الرياض عبدالرحمن عيسى الجساس “نهدف من تنفيذ الفعاليات في ساحة مركز الملك عبدالعزيز التاريخي ليكون قريبا من المتحف الوطني وقصر الملك عبدالعزيز ، وأن تكون ملائمة للوسط التاريخي التي تعيش فيه المنطقة من فنون شعبية ملائمة للمكان. في جانب من المركز التاريخي تلتصق عشرات المحلات الشعبية بجوار بعضها بمساحة تقدر ب 200 متر متقابلة بالقرب من ساحة المركز التاريخي؛ مشكلة صورة حية لما كانت عليه الأسواق القديمة في نجد خصوصًا في المظهر العام للمحل وموائمته لطبيعة ذلك الوقت وبساطته. وتضم المحلات العديد من المهن والمشغولات اليدوية التقليدية للرجال والنساء خصوصا تلك التي كانت تستخدم في الماضي من صنع أواني وتحف ومستلزمات للحياة اليومية ومعدات للزراعة والري والبناء وغيرها .. إلى جانب ما كانت تقوم به المرأة قديما من غزل ونسج وطبخ وأدوات تجميل. نظرة عن قرب للسوق القديم المكتظ بالزوار تكتشف أن الحرفيون والحرفيات منهمكون في أعمالهم، فهذا ناصر الجديعي - فنان تحجير – يكف لصناعة إناء متوسط الحجم من حجر البازلت وبجواره العديد من الأواني الصخرية التي حولها إلى تحف فنية. يقول الجديعي “أعمل على هذه المهنة منذ 14 سنة، ونلتها هواية بسبب حبي لهذا الفن ، ومع الوقت والدربة اتخذتها مهنة أُجَلِي فيها معاني الجمال وتحويل الصخر الجامد إلى لوحة فنية ناطقة”. يستخدم الجديعي أنواع معينة من الصخور تلك التي تتميز بسهولة نحتها التي من النوع الرسوبي الأبيض والأصفر والكريمي المنتشرة في منطقة الرياض لصنع أواني منزلية ومباخر للطيب وجرة وقرو ومنحاز (صخرة مقعرة لدق الخبز والحبوب). بجواره يقف صالح حجي الحداد وعبدالخالق الرزق من الأحساء وهما يمتهنان الحدادة باستخدام الحديد الخام، وفرن لصهره ليصنعان السكاكين والمحشات والمطارق منذ أكثر من 40 سنة، يقابلهم صاحب محل لصنع الأواني الفخارية، وبجواره ترى صفوف الناس منتظمة أمام تنور داود سليمان لتبتاع خبز البر والعادي.