إذا كان يوجد ثمة قلق عربي من جرّاء الغموض الذي يكتنف البرنامج النووي الإيراني، فإن التهديدات الإسرائيلية المتمثّلة في برنامج نووي غير معلن، يتسلّح بأسلحة نووية، وأسلحة للدمار الشامل، بتعمية كاملة، ودون رقابة دولية، يشكّل دون أدنى شك قدرًا أكبر من القلق، لا سيما وأن تل أبيب دشّنت برنامجها النووي أواسط الخمسينيات من القرن الماضي؛ ممّا أتاح لها تطويره، وحيث أصبح من المؤكد امتلاكها لترسانة ضخمة من الرؤوس النووية، لا تقل بأي حال من الأحوال عن مائتي رأس، وهو ما سبق وأن كشف عنه العالم النووي الإسرائيلي مردخاي فعنونو بالوثائق والصور (عام 1986)، التي نشرت في وسائل الإعلام الغربية في ذلك الوقت. تجدد الحديث عن الملفين النوويين الإسرائيلي والإيراني يفرض نفسه الآن في ظل تصريحات الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس الأول، بأن الحل العسكري ضد إيران لا يزال على الطاولة، في إشارة إلى خيارات تعامل واشنطن مع الأزمة النووية مع إيران، وأيضًا في ظل اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فينا الأسبوع الماضي، والتي شهدت نشاطًا عربيًّا مكثفًا في اتجاه دفع محاولات إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وأسلحة الدمار الشامل، وذلك في إطار الضغوط المكثفة والمتزايدة التي تمارسها المجموعة العربية، ومجموعة دول عدم الانحياز داخل أروقة الأممالمتحدة وأجهزتها المتخصصة التي تأتي الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مقدمتها؛ لحمل إسرائيل على الانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وإخضاع منشآتها النووية للتفتيش الدولي، وهو ما رفضته وترفضه إسرائيل على امتداد العقود الستة الماضية. محاولة بعض الدول الغربية استثناء إسرائيل من التفتيش الدولي، بحجة عدم انضمامها للمعاهدة من شأنه تشجيع العديد من الدول التي لا تخفي طموحاتها النووية، إلى الانسحاب من المعاهدة، إلى جانب إعطاء تلك الدول المبرر لتطوير برامجها النووية في اتجاه إنتاج السلاح النووي أسوة بإسرائيل، وهو ما يلقي بظلال من الشك حول مصداقية الأممالمتحدة، والنظام الدولي الجديد، عندما يسمح باستخدام البند السابع في ميثاق الأممالمتحدة لشن حرب على العراق بدعوة ثبت بطلانها، ولا يحرّك ساكنًا أمام ترسانة إسرائيل النووية التي لم تعد تخفى على أحد!