درج استخدام مفهوم التنمية بصورة مكثفة منذ عدة عقود ويقصد به على نحو الإجمال بها التخصيص مع مستوى الدخل القومي بزيادة متوسط إنتاج الفرد من خلال تهيئته وبناء مختلف قطاعات الدولة لخدمة وإنجاز ذلك الهدف ،ربما ان الفرد هو الأساس في عملية البناء الوطني وزيادة الدخل القومي للدول، فلا بد إذًا من البدء بتنمية قدرات وامكانات هذا الفرد الذاتية والتوجه العلمي الصريح الواضح لتهيئته نفسيًّا وعقلانيًّا وعمليًّا على مستوى العلم والمهارات التطبيقية وحتى تنمو مواهب الأفراد وتنمو مقدراتهم وقابلياتهم الذاتية لا بد من وجود مناخ اجتماعي وثقافي وسياسي مناسب بشكل حاضنة ملائمة لنمو وبروز واستثمار تلك الاستعدادات والقابليات الفردية، وهذا بدوره يحتم توفر فضاء سياسي قانوني يمارس الناس فيه حقوقهم في التعبير عن معتقداتهم وآرائهم وقناعاتهم السياسية والثقافية بصورة صحية وسلمية تداولية يكون فيها المشترك العام هو خدمة الناس والأفراد تحت سقف النظام العام الذي يتفق عليه كل أفراد المجتمع، ولكي يتحقق في أي مجتمع نوع من التشارك والاندفاع الجماعي الحقيقي المؤثر في اتجاه خدمة عملية التنمية الهادفة إلى تطوير واقع الفرد والمجتمع على مستوى بناء أسس ومعايير اقتصادية صحيحة تساهم في زيادة الإنتاج والدخل الفردي لا بد من تعميم ثقافة التنمية بين جميع مكونات المجتمع وعلى مختلف المستويات بدءًا من أصحاب القرار إلى مختلف البنى الاجتماعية والاقتصادية والبشرية، حيث التنمية المنظمة والشاملة هي التي تشارك فيها كل المؤسسات والهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويساهم فيها الجميع ولا بد من الاشارة هنا إلى ان عملية التنمية باتت حاليًّا ثقافة عمومية ومسؤولية عامة لا تختص بفئة أو شريحة معينة كما أنها لم تعد حصرًا وحكرًا على نخب اقتصادية أو غير اقتصادية بذاتها؛ لأنه إذا دفع انتاجيته وفاعليته عبر توفير المناخ السياسي والاجتماعي الأنسب والأفضل لتبلور طاقاته ومواهبه وهذا المناخ الصحي التداولي التشاركي هو الذي يمكن ان يسمح للفرد ذاته بالمشاركة المبدعة في عملية التنمية وعيًا وثقافة وعملاً من هنا نعتقد بضرورة تهيئة الأجواء الثقافية والإعلامية والاجتماعية المناسبة لاطلاق المبادرة الجادة والهادفة إلى رفع الفرد باتجاه الانخراط الجدي والحقيقي في مختلف مشروعات التنمية. عبدالواحد الرابغي - جدة