هاقد انتهى شهر رمضان وحل عيد الفطر وكأني بنا نقرأ دوما عيد بأية حال عدت ياعيد فما نلحظه من عيد إلى عيد أن حالنا باق على ما هو عليه دون تغيير ليس إلى الأفضل بل إلى الأسوأ . انحراف فكري ودين مسيس والنتيجة هو أننا في طريقنا لطمس هويتنا الإسلامية وإذابتنا وجعلنا شعوبا وقبائل وطوائف ومذاهب دينية متناحرة لا تقوم لنا قائمة حتى يسهل التفرد بنا والقضاء علينا ونهب ثرواتنا وخيراتنا. هذا هو واقعنا الأليم الذي نعيش فيه من عيد إلى عيد ، واقع أليم لا نحبه ولا نريده ولا نريد الاستمرار فيه. المسلمون كالبنيان المرصوص يشد بعضهم بعضا، بمعنى أن نتحد ونتكاتف ونتعاون على البر والتقوى ولكن يتطلب منا من اجل تحقيق ذلك كمسلمين أن نرتفع فوق الخلافات والمهاترات والتناحر والصراعات والبحث عن الزعامات ومصالحنا الشخصية ونركزعلى المصالح العليا للعرب وللمسلمين لكي نكون شعوبا أكثر قوة يوضع لنا اعتبار. القوة لنا تتمثل في فهمنا الصحيح لديننا الإسلامي الحنيف ، الفهم الذي يجمع ولا يفرق، ييسر ولا يعسر،يحترم ولا يهين ،الفهم الذي يجعلنا أكثر ترابطا وتسامحا مع جميع شعوب الأرض وأديانها ومعتقداتها . الفهم الصحيح لديننا العصري آخر الديانات هو في احترام المذاهب الإسلامية ،واحترام المعتقدات ، واحترام وجهات النظر للآخرين وتقبلهم بسلبهم وإيجابهم، والدعوة بالحكمة والموعظة والمجادلة الحسنة التي امرنا بها هذا الدين الإسلامي العظيم. قوتنا كمسلمين تنبع من احترامنا لهذا الدين العظيم وعدم الإساءة له بأي قول اوفعل أو سلوك منحرف يخالف ما جاءت به قيمنا الإسلامية العليا. ما نريد قوله والتأكيد عليه هو التمسك بثوابت هذا الدين ،أما الأمور الأخرى الخلافية التي يختلف عليها علماء الأمة الإسلامية ويجتهدون فيها فيجب احترامها وعدم المساس فيها فكما يقال «اختلاف الأئمة رحمة بالأمة» . ولكن ما نشاهده الآن ونسمع ونقرا عن البعض ممن يطلقون على أنفسهم مشايخ وعلماء للمسلمين وطلبة للعلم الشرعي نجد أنها لاتبعث على التفاؤل البتة، فنحن نلحظ من خلال وسائل الأعلام المختلفة وشبكة الانترنت الصراخ والتشنج وتبادل الشتائم عند مناقشة أمور خلافية سواء داخل المذهب الواحد اوبين المذاهب الإسلامية المختلفة بل أن الأمر تعدى ذلك من التهجم على رموز المذاهب الدينية إلى التهجم على رؤساء دول في الآونة الأخيرة مع الأسف أوقع وسوف يوقع مجتمعاتنا في مآزق نحن في غنى عنها بسبب شباب صغار في السن لا يعوون الكلام الذي يطلقونه ، والذين أطلقوا على أنفسهم بل صدقوا أنهم مشايخ وأعطوا لنفسهم الحق في التهجم على رموز دينية بل رؤساء دول والأغرب أنهم أصبحوا يتحدثون بالنيابة عنا وكأنهم أوصياء علينا. شباب صغار في السن يجهلون أبجديات السياسة ، ففتح معبر رفح وقت الأزمات ، كما يراها من يطلقون على أنفسهم مشايخ ، ليس من صالح الفلسطينيين في قطاع غزة لأن الجيش الإسرائيلي محاصر غزة من ثلاث جهات: من جهة الضفة الغربية ، ومن جهة الأراضي المحتلة عام 48 ، ومن البحر المقابل لقطاع غزة . فمصر أفشلت خطط إسرائيل بقفلها للمعبر حتى لا يتدفق عليها اللاجئون الفلسطينيون ويتركون ما تبقى من بلدهم في قطاع غزة تقوم بعدها إسرائيل بتصفية حماس ومسحها من الوجود بآلاتها العسكرية التي لا تبقي ولا تذر، ثم تقوم بإعادة احتلالها مرة أخرى وضمها إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة وإبقاء الفلسطينيين لاجئين مشتتين مشردين. فهدف إسرائيل معروف وهو ما يطلق عليه « بالترانسفير» Transfer)) أي ترحيل الفلسطينيين إلى مصر . أيها الشاب الصغير في السن نقول لك أن «السياسة لعبة قذرة» والدخول في دهاليزها ليس بالبساطة التي يتصورها أنا أو أنت أو غيرك، فهي ليست طولة لسان وعظات من فوق منابر الخطابة وبالتالي اتركها لرجالها لان «الفتى قد يموت من عثرة اللسان ولا يموت من عثرة الرجل» كما يقول الشاعر . حالنا كمسلمين حال يرثى له ولا يسر إذا استمررنا نستقبل الأعياد الواحد تلو الآخر من ضعف إلى اضعف ، فالله جلت قدرته لايغيرما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، ويقال « نعيب زماننا والعيب فينا «، نعم العيب فينا ، فنحن نعرف أخطاءنا وهذا ليس بعيب ولكن العيب أننا كنا ومازلنا إلى الآن وسوف نستمر في أخطائنا إذا لم نعترف بان لدينا أخطاء جسيمة ارتكبناها بحق أنفسنا أولا وبحق ديننا الإسلامي ثانيا ونبادر على الفور بتصحيحها. لم شمل المسلمين والمحافظة على ثوابت الدين ليس بالأمر الصعب بل انه من أسهل الأمور إذا حسنت النية وترفعنا عن سفاسف الأمور وأصبح ديدننا النية الصافية والمقصد السليم والحب فيما بيننا والرحمة والتآخي والتسامح والعفو عند المقدرة والصفح عند الإساءة لنا. ندعو الله العلي القادر على كل شيء أن يلطف بنا ويلم شملنا ويجعلنا امة متحابة تدعو إلى الخير والمحبة . ونطلب من الرحمن جلت قدرته أن يعيد علينا جميعا كعرب ومسلمين الأعياد القادمة ونحن بأحسن حال وأكثر قوة ، وان يهدي ضالنا ويرزق ولاة أمور المسلمين الهداية والبطانة الصالحة الناصحة التي تدلهم على الخير والصلاح انك سميع مجيب ، وكل عام والأمتين العربية والإسلامية بخير وعافية وأكثر قوة ورفعة . [email protected]