لعله من المؤسف أن تتحول قضية الشعب الفلسطيني من قضية احتلال للأراضي وتهويد للمقدسات وحصار للسكان وانتهاك لحقوقهم الإنسانية وهدم للمنازل وسرقة للتاريخ والتراث والآثار إلى قضية استئناف للمفاوضات من عدم استئنافها ، حيث أصبحت تلك المفاوضات الأسلوب الأمثل لإسرائيل الذي يمكنها من استكمال مخططاتها التوسعية والاستيطانية. ومن المؤسف أن تستأنف تلك المفاوضات دون أن يكون هنالك أي بصيص أمل بإمكانية تحقيقها لحلم الدولة المستقلة المتواصلة جغرافيًا والقابلة للحياة بعاصمتها القدس الشريف ، وهو ما يدركه فريق التفاوض الفلسطيني نفسه ، ويدركه خبراء السياسة الدولية ، لاسيما بعد أن أفصح رئيس الوزراء الإسرائيلي عن تصوره للدولة الفلسطينية المرتقبة بأنها تضم مجموعة متفرقة من الكانتونات تواصل فيها إسرائيل سيطرتها الكاملة على حدودها وفضائها ومياهها والاحتفاظ بكامل القدس عاصمة موحدة أبدية لها . وربما رأى البعض أنه كان ينبغي على السلطة الفلسطينية الرجوع إلى الشعب الفلسطيني لاستمزاج رأيه حول الذهاب إلى المفاوضات المباشرة أو عدم الذهاب ، لكن هذا البعض لابد وأن يفاجأ بالسؤال الصعب : أي شعب فلسطيني : الموجود في الضفة الغربية ؟ أم الموجود في قطاع غزة؟ أم الموجود في أراضي فلسطين 48 ؟ أم الموجود في الشتات ؟ وإذا كانت منظمة التحرير الفلسطينية تمثل كل هذه الفئات جغرافيًا فهل يكفي موافقة 5 أعضاء من لجنتها التنفيذية (18 عضوًا) على الذهاب إلى المفاوضات المباشرة لتمرير هكذا قرار تاريخي خطير ؟ . ما ذكرته بعض الصحف من تلقي رئيس السلطة الفلسطينية 3 مكالمات هاتفية من واشنطن خلال ساعة واحدة في محاولة لإرضائه على إثر سماعه بيان وزيرة الخارجية الأمريكية بأن المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين ستتم بلا شروط مسبقة ودون ذكر لبيان الرباعية يضع المزيد من علامات الاستفهام حول المفاوضات في مرحلتها الجديدة لعل من أهمها : ماذا قال الأمريكيون للرئيس عباس ؟ وإذا كان ثمة ضمانات أو تعهدات فهل يمكن الأخذ بها (شفويًا) ، وكيف أحالت تلك المكالمات غضب الرئيس إلى برد وسلام؟ . ويبقى السؤال الأصعب: عندما تفشل المفاوضات المباشرة – كما هو متوقع - التي ستستأنف مطلع الشهر المقبل فهل سيوافق الفلسطينيون على المفاوضات التالية ؟ .