* خبر نقلته وكالات الأنباء الأسبوع الماضي يقول: «إن كنيسة أمريكية في منطقة غاينيسفيل في ولاية فلوريدا وتصف نفسها على أنها كنيسة العهد الجديد على أساس الكتاب المقدس، دعت إلى جعل يوم 11 سبتمبر يوماً عالمياً لحرق المصحف. ونشر القسيس تيري جونز راعي الكنيسة مقالاً بعنوان: (الإسلام من الشيطان)، كما تم تدشين الكنيسة لصفحة على الفيس بوك لجمع أكبر عدد ممكن من التواقيع للموافقة على جعل 11 سبتمبر يوماً عالمياً لحرق المصحف». * وأنا أقرأ الخبر سرح بي الفكر إلى صورة عكسية في كيفية حدوثها وانعكاساتها. تخيّلت لو انه تم استبدال اسم الكنيسة بمسجد في أي بقعة من بقاع العالم الإسلامي، واستبدال اسم راعي الكنيسة بإمام أو شيخ دين مسلم ما الذي كان سيحدث؟ * وقبل أن أسترسل في خيالي استدعت ذاكرتي حوادث أبسط من هذه الدعوة حينما دعا أحد المشايخ إلى قتل ميكي ماوس كونه فأراً والفأر يصح قتله في الإسلام، وما أحدثه هذا الرأي من ردود فعل حتى بين كثير من كتابنا وفعالياتنا المجتمعية حتى حسبت أن الشيخ دعا إلى حرق الإنجيل أو هدم الكنائس على عبادها؟! * أعلم أن البعض سيتفذلك ويكرر كلاماً هو لا يدرك كثيراً من مفرداته، ناهيك عن معانيه، بل ليتباهى فقط بذلك في المنتديات المجتمعية وكأنه متحضر وعصري ينادي بحقوق غير المسلمين، ويضع «السبعة وذمتها» في المجتمعات المسلمة المتخلفة التي لا ترى أبعد من أنفها ولا تعرف قيمة لحقوق الإنسان وحرية الرأي والعبادة إلى آخر الشعارات التي كما قلت لا يدرك كثيراً من معانيها. * ولكني وبكل تجرد وموضوعية أتساءل مع بعض هؤلاء: هل هكذا دعوة من كنيسة أمريكية تتبع الكنائس الإنجيلية الأمريكية اكبر الكنائس المسيحية في طول الولاياتالمتحدةالأمريكية وعرضها، مقبولة في ظل الانفتاح العالمي، والدعوة إلى حرية الرأي والمعتقد وتمازج الثقافات وتساوي بني البشر؟ * خطورة هكذا دعوة كونها تصدر من كنيسة أمريكية في ولاية من المفترض انفتاحها وتسامحها، فالمعروف أن أغلبية الأمريكيين يتبعون الكنيسة الإنجيلية البروتستانتية، بل إن أحد شروط وصول شخص إلى رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية ان يكون بروتستانتياً عدا الرئيس جون كنيدي الذي كان كاثوليكياً، كما أن أمريكا صمت آذاننا وزعزعت عقولنا بالمناداة بحقوق الإنسان والديموقراطية والحرية للجميع، وسعت بكل جبروتها إلى تأديب هذا وضرب ذاك بحجة حماية الأقليات غير المسلمة كما في تيمور الشرقية في الجزر الإندونيسية وجنوب السودان ومع أقباط مصر وغيرهم كثير. * ونحن، كما أظن وأؤمن، لا نطالب كمسلمين بتحويل المجتمع الأمريكي إلى مجتمع متعاطف مع الإسلام والمسلمين بل إلى تطبيق ما ينادون به وما يتهمون به الآخرين وخاصة المسلمين، على كنائسهم ورهبانهم وقساوستهم فدعوة كهذه ليست سوى عنصرية مقيتة وقبح أخلاقي ودناءة بشرية يجب محاسبة الداعين لها وتجريم كل من يوافق عليها مثلها مثل معاداة السامية.. وأمّا أحبتي من كتّابنا وبعض وجهاء مجتمعنا فأقول «يا ليت قومي يعلمون»؟! فاكس: 6718388 – جدة [email protected]