الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    استعراض مسببات حوادث المدينة المنورة    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    مشاكل اللاعب السعودي!!    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    نهاية الطفرة الصينية !    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    «كل البيعة خربانة»    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    الأمين العام لاتحاد اللجان الأولمبية يشيد بجهود لجنة الإعلام    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جدل هلال رمضان.. من يحسمه: الشرعيون أم الفلكيون؟
نشر في المدينة يوم 06 - 08 - 2010

تحديد بدايات الشهور القمرية، مشكلة لم تحسم حتى الآن، ويحتدم الخلاف حولها في بداية شهر رمضان المبارك ونهايته، بل امتد الخلاف إلى تحديد “وقفة عرفة”، لارتباطها ببداية الشهور القمرية. وإذا كانت بعض البلدان العربية والإسلامية -إن لم تكن جلها- حسمت أمرها باعتماد الحساب الفلكي في رؤية هلال رمضان، وبات الأمر عندها معروفًا ومحددًا، لترجيحها لدقة الحسابات الفلكية، وأن علم الفلك قد قطع شوطًا بعيدًا، إضافة إلى وجود مراصد للأهلة تساعد في ذلك، إلا أن هناك جهات شرعية معتبرة، ومخولة بالفتوى لا تعتمد غير “الرؤية” تطبيقًا لقوله صلى الله عليه وسلم “صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ”.
والخلاف الذي نراه كل عام مع بداية الشهر الكريم ونهايته، بين الدول العربية والإسلامية، يعمق الأزمة القائمة بين هذه الدول، حيث وصل الخلاف في تحديد بداية رمضان إلى درجة صعبة، ووجدنا اختلافًا حتى في تحديد الشهر داخل البلد الواحد، وقد نجده هذا العام والأعوام المقبلة، ما لم يحدث اتفاق بين دور الإفتاء والجهات المختصة عن تحديد بداية الأهلة في هذه البلدان، خاصة أن جميع الدول العربية والإسلامية تتفق مع بعضها في جزء من الليل، وهو الأمر المطلوب، بل وجدنا الخلاف وصل إلى أشده في بلاد الأقليات المسلمة، فمنهم من اعتمد توقيت الصيام مع المملكة العربية السعودية، لأن فيها قبلة المسلمين، ومنهم من أخذ بالحساب الفلكي، والكثيرون صاموا مع بلدانهم الأصلية التي ينحدرون منها.
ومن المعلوم أن رؤية الهلال تحكمها أربعة حلول: الأول شرعي، والثاني قضائي، والثالث فلكي، والرابع جمع بين الرؤية والفلك.
وعلى الصعيد الشرعي لا تزال اللجنة الدائمة للإفتاء على فتواها “صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته”، فالأصل في رؤية الهلال الرؤية، ولا اعتداد بالحساب الفلكي لأنه تخمين.
أما في الجانب القضائي: فإن المحكمة العليا هي المختصة بتحديد بداية شهر رمضان، وهي التي تدعو عموم المسلمين في جميع أنحاء المملكة لتحري رؤية هلال شهر رمضان المبارك، بالعين المجردة أو بواسطة المناظير، ومن تثبت له الرؤية عليه إبلاغ أقرب محكمة إليه، وتسجيل شهادته لديها أو الاتصال بأقرب مركز لمساعدته في الوصول إلى أقرب محكمة، وتؤكد المحكمة من جميع المترائين الانضمام إلى اللجان المشكلة في المناطق لهذا الغرض، وتأمل ممن لديه القدرة على الترائي الاهتمام بالأمر والمشاركة فيه.
وفي ما يختص بالحساب الفلكي: فقد حسمت الجهات المعنية بأمر الحساب الفلكي أمرها، وأعلنت أن 11 أغسطس القادم هو غرة شهر رمضان، وقال البيان الفلكي الموحد للأهلة “تحري” الصادر عن الجمعيات والمراصد الفلكية العربية إن الأربعاء الموافق (11) أغسطس هي غرة شهر رمضان للعام الهجري 1431ه حسب إحداثيات مكة المكرمة.
وهو نفس القول الذي قال به الفلكي الدكتور خالد الزعاق بأن عدّة شعبان لهذا العام 1431ه ستكون 29 يومًا، و “الأربعاء” الأول من شهر رمضان المبارك على معظم أنحاء العالم الإسلامي. مبينًا أن هلال شهر رمضان يولد فلكيًا لهذه السنة الثلاثاء 10 أغسطس في تمام الساعة 6.08 صباحًا، وفي مساء اليوم ذاته يكون ارتفاع الأفق الأقرب درجة واحدة تقريبًا بزاوية مقدارها 90 درجة، ويقع جنوب مغيب الشمس ويبعد بزاوية مقدارها 8 درجات ونسبة الإضاءة على وجهه 0.52%، وسيمكث 11 دقيقة على معظم أنحاء المملكة، وعمره 14 ساعة ونصف الساعة، فيما يمكث في الكويت 10 دقائق وأبوظبي والرباط 8 دقائق وعمان 5 دقائق والقاهرة 7 دقائق وفي قرطبة 53 دقيقة وفي كيب تاون بجنوب إفريقيا 39 دقيقة.. وفي مساء يوم الأربعاء 11 أغسطس الأول من رمضان يُرى القمر بكل وضوح وجلاء.
أما الرأي الداعي إلى الجمع بين الرؤية والفلك، فهو ما أخذ به الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع، الذي أكد أن شهر شعبان 29 يومًا، ويكون يوم ترائي الهلال لإثبات دخول شهر رمضان، مساء يوم الثلاثاء الموافق 29 شعبان بتوقيت أم القرى، وتكون بداية شهر رمضان يوم الأربعاء. فما هو الموقف الذي على المسلمين أن يلتزموا به، وأين تكمن الحقيقة في ظل إصرار كل طرف على رأيه؟ “الرسالة” سعت تقصت الأمر وسعت لإلقاء مزيد من الضوء وطرحت مجموعة من الأسئلة على بعض العلماء والمهتمين فكانت الحصيلة التالية:
----------------------------

صوموا لرؤيته
يبتدر سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ بالقول: أوضح لنا النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بجلاء بقوله: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا الشهر ثلاثين يومًا”، فأمرنا أن نصوم برؤية الهلال، وأن نفطر برؤية الهلال، وقال: إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فالعين المجردة هي الأصل، وإن استعين بأجهزة تعين على الرؤية البصرية فلا مانع، أما الحساب الفلكي في شريعة الإسلام فمرفوض بإجماع المسلمين، ولا عبرة به، ولا يقام عليه وزن، وهذا أمر أجمع المسلمون عليه، فالحساب لا يعول عليه في إثبات شهر رمضان ولا في خروجه، ولا في إثبات شهر ذي الحجة؛ لأنه أمر مخالف للشرع.
واستطرد سماحة المفتي قائلًا: نحن قد هدينا إلى سبيل الصواب وهو الرؤية البصرية، أما الحسابات الفلكية ففيها الكثير من التناقض والاختلاف والاضطراب، إضافة إلى صعوبتها، وعدم تمكن الكثير من فهمها، بخلاف الرؤية فإن أمرها جلي واضح.
مشكلات لاحقة
من جانب آخر يثني المستشار في الديوان الملكي عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالله بن سليمان المنيع على التوجه الذي انتهجته المحكمة العليا في إثبات دخول شهر رمضان وشهر شوال وشهر ذي الحجة العام الماضي، وبالتأني وبذل الجهد في التحري والتحقيق مع من يتقدمون بالشهادة برؤية الهلال، سواء أكان ذلك من المحكمة العليا أم كان من القضاة في عموم مناطق المملكة ومدنها وقراها، وقال: هذه الإجراءات كان لها الأثر المحمود في الثقة بقرارات دخول الشهور الثلاثة من المحكمة العليا، حيث خلت هذه القرارات من الاعتراضات داخل المملكة وخارجها، وكانت متفقة مع النظر الشرعي والقرار الفلكي، حيث كان لمناقشة من تقدم بالشهادة بالرؤية ومطالبته بوصف رؤية الهلال من حيث الإفادة عن زمن بقاء الهلال بعد غروب الشمس حتى غاب، ومن حيث الإفادة عن جهة قرني الهلال هل هي إلى الشرق؟ أم إلى الغرب؟ ومن حيث جهة الهلال بالنسبة للشمس هل هو شمالها؟ أم جنوبها؟ ومن حيث تفريق الشهود وأخذ شهادة كل واحد منهم بمفرده والتحقيق معه عن الاستفسارات المذكورة، والمقارنة بين هذه الشهادات فكان لذلك أثر في رد هذه الشهادات، حيث ظهر من ذلك عدم الاتفاق على الشهادة، بالرغم من أن محل المشهود عليه وهو الهلال ووقته واحد، وبناء على هذا المجهود المبارك لم تثبت هذه الشهادات لعدم تحقق وتثبت الرؤية؛ لا لأن مدعي الرؤية قد كذبوا، فلا شك أنهم مجتهدون وأن رؤيتهم يمكن وصفها بالوهم دون الكذب.
واستطرد المنيع قائلًا: هذه النتيجة السليمة التي انتهت إليها المحكمة العليا في صرف النظر عن دعاوى الرؤية دون أن تكون مقرونة بما يعطي الثقة في صحتها، تؤكد أن علم الفلك يجب أن يُحترم ويجب أن تكون قراراته في إسرار الهلال واقترانه وولادته وغروبه قبل الشمس أو بعدها موضع اعتبار واحترام وتقدير، وهي موجبة للشك والتردد في قبول ما يخالفها إن لم تكن مصدر رد لها. القضية المهمة أنه يحتمل أن يحصل لدى الجهة المختصة في إثبات دخول شهر ذي الحجة إشكال بالغ، إذا لم يأخذوا بالإثبات الفلكي، ففي حال عدم الأخذ بالحساب الفلكي فإن يوم عيد الفطر هو يوم الجمعة الموافق 10/9/2010م ولا يمكن أن يكون يوم الخميس الموافق 9/9/2010ه لأن هلال مساء الاثنين الموافق 9/8/2010م غاب قبل غروب الشمس عند الساعة 6.20 وغابت الشمس بعده عند الساعة 6.56 فيعتبر يوم الثلاثاء 10/8/2010م هو اليوم التاسع والعشرون من شهر شعبان، حيث غابت الشمس قبل القمر مساء يوم الثلاثاء بإحدى عشرة دقيقة، وعليه فلا شك فلكيًا بأن أول يوم من رمضان هو يوم الأربعاء وعدد أيامه ثلاثون يومًا، كما سبق بيانه.
ويكون يوم الجمعة الموافق 10/9/2010م هو أول يوم من شهر شوال ففي حال عدم رؤية هلال شهر ذي القعدة مساء الجمعة الموافق 8/10/2010م يكون يوم السبت الموافق 9/10/2010م هو تمام الثلاثين لشهر شوال ويكون أول يوم لشهر ذي القعدة هو يوم الأحد الموافق 10/10/2010م، وبهذا لا يجوز ترائي هلال ذي الحجة إلا في مساء يوم الأحد الموافق 7/11/2010م لأنه باعتبار شهر شوال ثلاثين يومًا يكون يوم الأحد التاسع والعشرين من شهر ذي القعدة، وفي حال عدم رؤية الهلال فيكون يوم الاثنين الموافق 8/11/2010م هو تمام الثلاثين لشهر ذي القعدة ويكون يوم الثلاثاء الموافق 9/11/2010م هو أول يوم من أيام ذي الحجة، بينما الحساب الفلكي يقرر أن أول يوم من أيام شهر ذي الحجة هو يوم الأحد الموافق 7/11/2010م، وهذا يعني أن بين الإثبات الشرعي على افتراض وقوع ما ذكر وبين الحساب الفلكي يومين، وهذا أكبر ما قد تواجهه الجهة القضائية المختصة بإثبات الهلال وبوجود هذا الإشكال فإن وقفة عرفة بالحساب الفلكي هو يوم الاثنين الموافق 15/11/2010م، وأما باعتبار الرؤية الشريعة فيحتمل أن يكون يوم 15/11/2010م ويحتمل أن يكون يوم 16/11/2010م يوم الثلاثاء ويحتمل أن يكون يوم 17/11/2010م يوم الأربعاء.
واختتم المنيع بالقول: على الجهة المختصة أن تستعد لمواجهة الإشكال الذي لا يعالجه غير الأخذ بالحساب الفلكي، وأرى أن من معالجة هذا الإشكال العناية البالغة بترائي هلال شهر ذي القعدة وشهر ذي الحجة كالعناية بترائي شهر رمضان، ولا شك عندي أن العناية بالترائي ستعطي نتيجة إيجابية نحو التقارب بين التقرير الشرعي والتقرير الفلكي أو الاتفاق فيما بينهما.
الحساب الفلكي
وبدوره يؤكد رئيس اللجنة العلمية في المجلس الأوروبي للإفتاء الدكتور محمد الهواري أن المجلس أخذ بالحساب الفلكي في تحديد بداية شهر رمضان، وقال: طبقًا لهذا الحساب فإن رمضان بالنسبة للمسلمين الذين يعيشون في الدول الأوروبية يبدأ يوم الأربعاء 11 أغسطس 2010م.
وأشار الهواري إلى إمكانية رؤية هلال رمضان بوضوح في قسم كبير من دول أمريكا اللاتينية ومنطقة واسعة جنوب القارة الأفريقية، وقال: الشمس ستغرب بمدينة قرطبة الأرجنتينية في الساعة (19:48)، متقدمة بذلك 53 دقيقة عن القمر الذي سيغرب في الساعة (20:48) ويكون ارتفاعه فوق الأفق بمقدار عشر درجات. أما غروب الشمس فسوف يحدث في مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا في الساعة (19:12)، في حين يغرب القمر الساعة (19:51) متأخرًا في غروبه عن الشمس 39 دقيقة ويكون ارتفاعه فوق الأفق أكثر من سبع درجات.
وأكد الهواري أن المعايير المتاحة للرؤية تلبي القاعدة الشرعية: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”، وتتفق مع الشروط الفلكية الثلاثة التي حددها المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث للرؤية الشرعية، وهي غروب الهلال بعد غروب الشمس في موقع إمكانية الرؤية، وألا تقل زاوية ارتفاع القمر عن الأفق عند غروب الشمس عن خمس درجات، وألا يقل البعد الزاوي بين الشمس والقمر عن ثماني درجات.
وأكد الهواري أن الحساب الفلكي وصل درجة كبيرة من الدقة في كل ما يتعلق بحركة الكواكب السيارة، خاصة حركة القمر والأرض ومعرفة مواضعها بالنسبة للقبة السماوية، وحساب مواضعها فيما بينها في كل لحظة من لحظات الزمن بصورة قطعية لا تقبل الشك، وأن أخذ المسلمين في البلاد الأوروبية بهذه القاعدة في دخول الشهور القمرية والخروج منها خاصة شهري رمضان وشوال وتحديد مواعيد هذه الشهور مسبقا، يساعدهم على تأدية عباداتهم وما يتعلق بها من أعياد ومناسبات وتنظيم ذلك مع ارتباطاتها في المجتمع الذي يعيشون فيه.
أزمة سنوية
من جانبه يرى الباحث الشرعي برابطة العالم الإسلامي محمد أبوالبشر رفيع الدين أن قضية ثبوت رؤية الهلال لتحديد دخول شهر رمضان المبارك وتحديد يوم العيد تحولت إلى ما يشبه الأزمة السنوية، التي تشغل الشارع الإسلامي وتثير البلبلة والقلق وتزيد من مساحة الاختلاف والتباعد بينهما، وقال: تحولت قضية إثبات بداية شهر رمضان إلى مناسبة تزيد من الاختلاف بين المسلمين، حيث يثور جدل كبير بين من ينادون باتباع الحساب الفلكي، ومن يرون الاعتماد على الرؤية بالعين المجردة، وأرى أن النص القرآني واضح في هذه القضية، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة”. إن التوجيه النبوي ثابت وواضح ولا لبس فيه، فلماذا إذن نلجأ لحسابات قد تصيب وقد تخطئ؟ ما دام الله تعالى قد أعطانا فسحة للتأكد فلماذا نستبق الأحداث ولا ننتظر؟
وأضاف قائلًا: من المعلوم أن الحساب الفلكي علم من العلوم، ورغم تقديري للقائمين عليه وما يبذلونه من جهد، إلا أنه يظل جهدًا بشريًا قابلًا للإصابة وقابلًا للخطأ. فما دام أمر الصوم عظيم عند المسلمين ويتعلق بشعيرة هامة هي أحد أركان الإسلام، كما تترتب على تحديد بداية الصيام تحديد يوم عرفة، الذي هو أعظم أيام المسلمين، فإنني أرى أهمية الالتزام والتقيد بالتوجيه النبوي حرفيًا خوفًا من الوقوع في الزلل والخطأ.
واستطرد رفيع الدين بالقول: اتفق علماء الأمة الإسلامية منذ الأزل ومن جميع المذاهب على إثبات دخول رمضان المبارك عبر رؤية الهلال أو إكمال شهر شعبان 30 يوما. لكنهم اختلفوا على الرؤية: هل يجب حكمًا أن تتم بالعين المجردة أم تجوز وسائل أخرى مثل التلسكوبات؟ وقد اتخذ معظم العلماء موقف وجوب رؤية الهلال بالعين المجردة التزامًا بالحديث النبوي، وعدم لجوء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أو الجيل الأول من صحابته إلى علماء الفلك في ذلك الشأن. واستندوا إلى أن الصيام ليس عملية حسابات نظرية وتوقعات فيزيائية وفلكية تصيب وتخطئ. ووصل رفض بعض العلماء لعلم الفلك إلى حد تسميته بعلم التنجيم، بينما يرى بعضهم أنه إذا حصل العلم، أو الاطمئنان من الحسابات الفلكية بظهور الهلال في أُفق البلد، إلى حد يقبل الرؤية بالعين المجردة، لولا الموانع، فيمكن الاعتماد عليها.
وختم بالقول: الحمد لله أن المملكة العربية السعودية دولة دستورها شرع الله، وهي تولي القضايا التي تتعلق بأمور العبادات جل اهتمامها، لذلك ينبغي التقيد بما تعلنه الجهات المختصة في هذا الأمر.
فصل الخطاب
من جانبه يقول رئيس مجلس إدارة المشروع الإسلامي لرصد الأهلة المهندس محمد شوكت عودة: إن أول أيام شهر رمضان المبارك سيكون الأربعاء 11/8/2010م من خلال المرصد في دول إسلامية والخميس في دول أخرى، ويضيف: الحسابات الفلكية الدقيقة تدل على أن رؤية الهلال في يوم الثلاثاء ستكون غير ممكنة، سواء بالعين المجردة أو باستخدام التلسكوب في جميع أجزاء قارتي آسيا وأوروبا ومعظم أجزاء إفريقيا، في حين أنه من الممكن رؤية الهلال باستخدام التلسكوب من جنوب القارة الإفريقية وأمريكا الوسطى والجنوبية، وأن المكان الوحيد الذي يمكن منه رؤية الهلال يوم الثلاثاء 10 أغسطس هو جنوب غرب أمريكا الجنوبية.
ومضى شوكت قائلًا: رؤية الهلال ستكون ممكنة (بطريقة أو بأخرى) يوم الثلاثاء في بعض أجزاء العالم، فمن المتوقع أن تبدأ بعض الدول الإسلامية شهر رمضان يوم الأربعاء 11 أغسطس. أما بالنسبة للدول التي تشترط رؤية الهلال من داخل أراضيها أو من منطقتها، والتي لن تمكن رؤية الهلال منها يوم الثلاثاء مثل سلطنة عمان، فمن المتوقع أن تبدأ شهر رمضان يوم الخميس 12 أغسطس.

--------------------------------

لجنة الإفتاء : رؤية الهلال أمارة على بدء الصوم
وكانت اللجنة الدائمة للإفتاء قد أصدرت فتوى بهذا الخصوص جاء فيها: الشريعة الإسلامية شريعة سمحة، وهي عامة شاملة أحكامها جميع الثقلين الإنس والجن، على اختلاف طبقاتهم علماء وأميين، أهل الحضر وأهل البادية؛ فلهذا سهل الله عليهم الطريق إلى معرفة أوقات العبادات، فجعل لدخول أوقاتها وخروجها أمارات يشتركون في معرفتها، جعل زوال الشمس أمارة على دخول وقت المغرب وخروج وقت العصر، وغروب الشفق الأحمر أمارة على دخول وقت العشاء مثلًا، وجعل رؤية الهلال بعد استتاره آخر الشهر أمارة على ابتداء شهر قمري جديد وانتهاء الشهر السابق، ولم يكلفنا معرفة بدء الشهر القمري بما لا يعرفه إلا النزر اليسير من الناس، وهو علم النجوم، أو علم الحساب الفلكي، وبهذا جاءت نصوص الكتاب والسنة بجعل رؤية الهلال ومشاهدته أمارة على بدء صوم المسلمين شهر رمضان، والإفطار منه برؤية هلال شوال، وكذلك الحال في ثبوت عيد الأضحى ويوم عرفات قال الله تعالى: “فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ”. وقال تعالى: “يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ”.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ” رواه الدارميّ بهذا اللفظ، وفي الصحيحين والسنن نحوه. فجعل عليه الصلاة والسلام الصوم لثبوت رؤية هلال شهر رمضان، والإفطار منه لثبوت رؤية هلال شوال، ولم يربط ذلك بحساب النجوم وسير الكواكب، وعلى هذا جرى العمل زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وزمن الخلفاء الراشدين، والأئمة الأربعة، والقرون الثلاثة التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالفضل والخير، فالرجوع في إثبات الشهور القمرية إلى علم النجوم في بدء العبادات والخروج منها دون الرؤية من البدع التي لا خير فيها، ولا مستند لها من الشريعة، وإن المملكة العربية السعودية متمسكة بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح من إثبات الصيام والإفطار والأعياد وأوقات الحج نحوها برؤية الهلال، والخير كل الخير في اتباع من سلف في الشؤون الدينية، والشر كل الشر في البدع التي أحدثت في الدين، وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

--------------------------------

باحث شرعي يحدد: أربعون وجهًا لمفاسد من قالوا بالحساب الفلكي
الباحث الشرعي وائل بن علي الدسوقي ألف كتابا بعنوان “كتابُ بُطلانِ العملِ بالحسابِ الفلكيِّ في الصومِ والإفطارِ” حدد فيه أربعون وجهًا -طبقا لما جاء في كتابه-،لبيانِ ما فيه مِنْ مفاسدَ لمن قالوا بالحساب الفلكي، مؤكدا وجوبِ العملِ بالرؤيةِ الشرعيةِ الثابتةِ عن خيرِ البريَّةِ -صلى الله عليه وسلم- من أربعينَ وجهًا. وقال الدسوقي في كتابه: “الشروط الباطلة المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ما اشترطه الفلكيون ومَن اغترَّ بهم لصحة الرؤية، واتخذوه سُلَّمًا للعمل بالحساب الفلكي لكن في النفي دون الإثبات بزعمهم، ويقصدون بذلك إبطال الرؤية الشرعية التي أبطلها الحساب ولم يشهد بصحتها، يريدون أن يُبَدِّلُوا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشروطهم أولى بالبطلان؛ ومنها: أن تغرب الشمس قبل غروب الهلال، وأن يمكث بعدها لفترة وزاوية ارتفاع القمر عن الأفق تساوي على الأقل كذا وكذا درجة، وزاوية انفصال القمر عن الشمس تساوي على الأقل كذا وكذا درجة، وأن يمرَّ عليه بعد الاقتران كذا وكذا ساعة.
وهذا يشهد الحِسُّ بخلافه؛ فإن رؤية الهلال نهارًا تكررت، وعَمِلَ بها النبيُّ صلى الله عليه وسلم لليوم التالي. وتقدير الفلكيين لمدة بقاء الهلال بعد الغروب وزاوية انفصاله عن الشمس وصغره وكبره يخطئ في أحيان كثيرة كما سبق في الوجه الرابع والعشرين، وذلك لأسباب كثيرة من أهمها قوله صلى الله عليه وسلم: “إِنَّ اللَّهَ مَدَّهُ لِلرُّؤْيَةِ”. ومعناه أن الله تعالى يطيل مدة بقاء الهلال وحجمه ليراه المسلمون فضلا منه تعالى ونعمة، فله الحمد والشكر، كما سبق في الوجه الثاني والثلاثين، ولأن سرعة مسير القمر تسرع وتبطئ وتتغير، وقد يولد وتتحقق الشروط التي ذكروها ولا يراه أحد، حسب تقدير العزيز العليم، مما لا يتمكنون من حسابه بيقين لا خطأ فيه، كما مرَّ عن فضلاء الفلكيين، وتزكيتهم لأنفسهم وعلمهم مردود غير مقبول، وإجماعهم -إن وقع- غير معصوم من الخطأ، بل يجوز عليهم الخطأ والغلط جميعًا كما سبق عن الشيخ ابن باز رحمه الله، ولأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يراع هذه الشروط ولم يعمل بها ولم يأمر المسلمين بتعلمها، ولو كانت لا تصح الرؤية إلا بمراعاتها لبيَّنَها الشرع الشريف -كما بيَّنَ صلى الله عليه وسلم الفروقَ بين الفَجْرَين الصادق والكاذب بيانا شافيا- لأنه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وليست هذه الشروط من باب الاحتياط للرؤية وصيانتها من الغلط، لأنه صلى الله عليه وسلم بلَّغ البلاغ المبين واحتاط لصحة العبادة أشدَّ الاحتياط، ولم يلتفت إلى شروطهم بل أبطلها، فكأن الفلكيين يستدركون عليه صلى الله عليه وسلم ويتهمونه بالتقصير.
----------------------------------

قطع بعدم صحة الاعتماد على الحسابات
الفوزان: لا يجوز ابتداء الصيام إلا برؤية الهلال والحساب خلاف المشروع
ويرفض عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء الشيخ صالح الفوزان الاعتماد على الحساب الفلكي، ويؤكد عدم جواز ابتداء صيام شهر رمضان إلا برؤية هلاله، وقال: الرؤية هي السبيل الشرعي الوحيد الذي يعول عليه لابتداء الصيام وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم؛ فاقدروا له”‏، ولا يجوز الاعتماد على الحساب؛ لأنه خلاف المشروع، كما أن الحساب يصاحبه كثير من الأخطاء‏.‏ أما من كان في بلاد غير إسلامية وليس فيها جماعة من المسلمين يعتنون برؤية الهلال، فإنه يتبع أقرب البلاد الإسلامية إليه، وأوثقها في تحري الهلال، فإن لم يصل إليه خبر يعتمده في ذلك فلا بأس أن يعتمد على التقويم، لقوله تعالى‏:‏ (‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)‏‏‏.
وأضاف الفوزان قائلًا: وسائل الاتصال متوفرة في هذا الوقت، وسفارات البلاد الإسلامية منتشرة في العالم، وكذلك المراكز الإسلامية توجد في أغلب بلاد العالم، فعلى المسلمين أن يتعارفوا في ذلك وفي غيره من شؤون دينهم‏.‏

---------------------------------

استنكر محاربة العلم في هذا العصر
شلتوت: الحساب الفلكي قطعي والرؤية ظنية
إبراهيم الرحيمي - جدة
من جانبه يقول أستاذ بحوث الشمس والفضاء ونائب رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك الدكتور مسلم شلتوت قائلًا: الحساب الفلكي كان مصدر شك خلال العصور الوسطى وذلك لسببين؛ الأول: كان هناك خلط بين علم الفلك والتنجيم في العالم الإسلامي. وقبل خمسمائة سنة وحتى الآن وبعد ما جاء إسحاق نيوتن بقانون الجاذبية وجاء كبلر بالقوانين الثلاثة كحركة الكواكب حول الشمس وحركة القمر حول الأرض، وبعد ذلك أصبح الحساب الفلكي علمًا قطعيًا وأصبحنا نحسب السنين القادمة، وما سيحدث فيها من أحداث فلكية ستحدث وكل هذه الأشياء تكون بمنتهى الدقة، كما أن الحساب الفلكي هو أساس الملاحة الفضائية.
واسترسل شلتوت قائلًا: القطعي مغلب على الظن في الحساب الفلكي، وهناك ستة علماء شريعة مسلمون أقروا ذلك وهم: الشيخ تقي الدين السبكي منذ ستة قرون. قال: إن الحساب الفلكي قطعي والرؤية ظنية، والشيخ مصطفى الزرقا، والدكتور حمدي زقزوق، والدكتور محمد سليم العوا أمين عام مجلس العلماء المسلمين، والدكتور محمد عمارة، والدكتور حسن الترابي في السودان. كل هؤلاء أجمعوا على أن الحساب الفلكي أصبح قطعي الدلالة وأن الرؤية ظنية والقطعي يغلب على الظن، لذلك لا يجب علينا ونحن في زمن العلم أن نحارب العلم. المشكلة ليس في الحساب الفلكي، وتكمن في أن هناك من أبناء الأمة الإسلامية من لا يتقبلون العلم والتكنولوجيا، فلو نظرنا إلى حال الدول الإسلامية سنجد أنها تصوم على ثلاثة أيام: يوم الثلاثاء، ويوم الأربعاء، ويوم الخميس، وهذا الاختلاف ليس ناتجًا عن علم الفلك، لأنه يقول إن بداية شهر رمضان سيكون يوم 11 أغسطس، أي يوم الأربعاء، فلو نظرنا لوجدنا أن المسلمين ينقسمون إلى أربعة أقسام؛ فالبعض يصر على اتباع الحساب الفلكي القطعي فقط، وبعضهم يصر على الرؤية بالعين المجردة، وكثير من هؤلاء لا يبدأون الصيام إلا بعد أن يروا الهلال بأم عينهم.
واختتم الدكتور مسلم شلتوت قائلًا: أطالب بتقويم إسلامي موحد لجميع الدول العربية والإسلامية نمشي عليه بشكل ثابت وواضح ومعروف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.