الكول في إطار اللامعقول قررت إحدى البلدات في ولاية لويزيانا الأمريكية حبس من يرتدي البناطيل «الواسعة والمرتخية» المعروفة باسم «ساغي» الذي يظهر الملابس الداخلية التحتية مدة ستة شهور وغرامة قدرها 500 دولار. وذكرت شبكة (سي.ان.ان) الإخبارية قبل بضعة أيام أن ثمة محاولات لفرض مثل هذه العقوبات في مدن أخرى، ففي ترينتون بولاية نيوجيرسي يعني القبض على مَن يرتدي هذا النوع من الأزياء دفع غرامة كبيرة، إلى جانب القيام بأعمال لخدمة المجتمع كمساعدة عمّال الخدمات ونقل القمامة. واعتبرت عضو المجلس البلدي في ترينتون آنيت لارتيغ هذا القرار «طريقة رائعة لإعادة توجيههم إلى الطريق الصحيح والرسالة واضحة.. ». يُذكر أن الاعتقاد السائد هو أن هذه الموضة بدأت في السجون، حيث لا يسمح بإعطاء السجناء حزامًا مع البنطلون الواسع والفضفاض لمنع السجناء من الانتحار، أو ضرب زملائهم. وفي أواخر ثمانينيات القرن العشرين امتدت الموضة إلى كليبات أغاني الراب، ثم إلى ضواحي المدن والمدارس الثانوية. ويالها من مصيبة.. وأي مصيبة حلّت بنا.. التقليد الأعمى الذي ومع الأسف راح ضحيته بعض من إخواننا الذين نراهم بمظهر غريب ومضحك (الكول) الذي خرج عن إطاره المعقول. ذلك الشاب الذي وضع فوق رأسه سحابة سوداء وكأنها سوف تمطر عليه.. كومة الشعر المضحكة التي يتباهى البعض بها، ويعتقدون أنهم في غاية الروعة والجمال. ولا يعلمون ما يدور خلفهم من نظرات تعجب وابتسامات تصل أحيانًا إلى نوبات ضحك عليهم، وليت الأمر توقف عند هذا الحد، فحينها سوف نقول: إنها غفلة ستزول لكن الأمر تعدى حدود التسريحة، ووصل إلى مناطق لم يكن أحد يتوقع أن تصل إليها.. إنها الموضة التي تجعل من صاحبها يستعرض بجزء من (السروال الداخلي)! البنطلون الذي يُطلق عليه (طيّحني) الذي يصرخ ويقول للناس: انظروا إلى (؟؟؟)! وأي تقليد هذا الذي يخدش الرجولة! وأي جمال في مظهر كهذا؟ نحن شباب الإسلام نفتخر بعروبتنا، وبعاداتنا، ونعتز بديننا الحنيف، الدّين الذي نمثله في كل شيء حتى في مظهرنا، فالمظهر دليل على الشخصية والتربية والأخلاق، وهو رسالة إلى الآخر نكتب فيها ما نشاء، ونوصل من خلالها ما نريد. فمظهر الكول على ماذا يدل؟ هل يدل على أمر حسن؟ (نسأل الله تعالى الستر والعافية) إبراهيم عبدالإله العصيمي - مكةالمكرمة ----------------------------------
لا أبالي.. تركت الطب أم تركني! يؤمن الطبيب بالتشخيص قبل العلاج، وإلاّ فسيعالج بعشوائية، ويضر مرضاه، وينقض قاعدة في طبّه، فيخل بعلمه وبخلقه. أسوأ من ذلك كذب الطبيب لدفع التشخيص عن مرض في تعامله هو، لأنه بنسيان نفسه تهون عليه كل نفس أخرى، فيخطئ، ويكذب، ويداهن. سمعتُ حججًا كثيرة من كثيرين حتى كدت أظنها حقًّا وهي باطل؛ لأنها تتحايل في تفسير تجاوزات واضحة عظيمة في عمل لا يقبل إلاَّ الأمانة. لا أكترث اليوم بطبي إن بقيتُ عليه، أو تركته، أو تركني، بعدما عرفت أطباء استنجدت العيوب منهم بالحزم لردعهم، فوجدته يستنجد مثلها ويبكي، وملّت الأوراق من ذكرهم متعلّلة بأمل وصولها إلى إرادة الجد، وإلى عقوبة لا رجعة فيها. التحقت بالطب بحماس المنطلق إلى كوكب جميل فيه ثواب وإبداع. وبأحاديث الناس ومديحهم الغزير لتخصص يعيش صاحبه بين النجوم، استعجلت الأيام للخروج إلى جنة الخدمة مع زملائي لنرى بسمة المريض وأهله، وإن لم نستطع علاج كل مرض فبتخفيف المعاناة والألم ما استطعنا. واليوم تقول فجيعتي ليتك لم تكن طبيبًا بعدما خالطت طبيبًا يتشبث بأي كرسي يمر به أكثر من طبّه، ويكتب بأحقيته بالكرسي شاكيًا منكرًا بدلاً من أن يكتب عمّا يحتاجه طبه ومرضاه، ويتحامل على زملائه ويكيد لهم ليحظى بما يريد! وخالطت طبيبًا يكذب بعلم مرقع ضحل، وبغياب يفوق الحضور، ويحتال على مَن يستطع ليستر بهم عيوبه، ويبقى في جو الأطباء، وهو أقرب بهيئته وبسلوكه ورعونته إلى متسكع هائم في جو اللهو والضياع، وهو في كل محفل ومأدبة يتغنى بجهوده وتفوقه على الآخرين! وخالطت الذي استبدل باللطف والبسمة والتواضع والحلم، التقطيب والفظاظة والصياح والكبر، وخالطت محسوبين على الإدارات الطبية يتركون عملهم في تيسير مهمة الطب بالأوراق والمال والاتصال والنقل والبناء إلى إقحام أنفسهم فيما لا يعرفون، يقدمون ويؤخرون ويضرون ويعطلون ويفسدون أعوامًا وأجيالاً ومصالح وإمكانات، ويغرون سابقي الذكر، وصحة الناس هي الضحية. تعطل عملي مرارًا، وأساء كثيرون له ولمرضاي ولي، ولست أريد ضيقًا لأحد إلاّ أنني أعبّر عمّا في نفسي بأني لا أبالي بالقول: «أَوَتترك مهنة شريفة؟!» إلاّ إذا سمعت عن المسيئين: «ألا يتركون المهنة الشريفة؟» وعن غيرهم «ألا يأخذون على أيدي المسيئين؟!». وليس لي أن أرضى عن نفسي، وقد أكون من مئات المسيئين الغافلين وسط مئات المادحين. من يصرف نظره عن تشخيص المشكلة مجاملة ومحاباة فلن يعالج ولن يصلح. والفجيعة الثانية كانت في معايشة المحاولات لمساعدة أولئك أو تنبيههم أو تنبيه ذوي الشأن عنهم، وأي فجيعة!. وكل عام وأنتم ومَن تحبون في عافية وخير، وفي رحمة من الله تغنيكم عمّن سواه. د.فارس محمدعمر توفيق - المدينة المنورة