في رأيي لم يكن موضوع مطربة العرب الكبيرة السيدة فيروز يستحق كل هذه الضجة.. ولكن بالفعل لأنها فيروز.. الاسم الكبير الذي يكسر كل القواعد وكل الأعراف.. الاسم الخالد في وجدان كل عاشق للفن الأصيل والزمن الجميل.. الاسم العملاق الذي عندما يُذكر.. لا نملك إلا أن نقول: الله.. الله.. الله.. من أجل ذلك كله كانت هذه الوقفة التاريخية العربية غير المسبوقة.. هذه الوقفة التي تجسّدت فيها كل الصور النبيلة.. فهذه التجمّعات والاعتصامات البشرية في أكثر من دولة عربية هي تأكيد على مكانة اسم وشخص فيروز فنانة العرب.. لقد اعتقد “هواة” الإثارة و “طالبو” الشهرة أنهم سينجحون بالإساءة إلى هذه الفنانة العظيمة ولم يعلموا ويدركوا أنهم يلعبون بالنار وأن محاولاتهم الفاشلة أرتدت إليهم فورًا.. ليس من السيدة فيروز.. فهي أكبر من أن تضع نفسها في مثل هذه المهاترات السخيفة أو أن تهبط إلى أمثال هؤلاء.. وإنما جاء رد الفعل القوي والطبيعي من محبي هذه الفنانة الخالدة آخر بقايا الفن العربي الأصيل.. نعم.. إلا فيروز.. نقولها بأعلى الصوت وبكل الحبر في أقلامنا وبكل الشعر في دواويننا وبكل ما نملك من تاريخ ومبادئ وقيم: نعم.. إلا فيروز.. التي لولا وجودها بيننا في هذا الزمان لقلنا على الفن والطرب الأصيل: “وداعًا”.. نعم إلا فيروز.. فهي الآن الوحيدة التي تعيدنا إلى أمجاد الماضي وآمال الحاضر والمستقبل.. فيا سيدة الفن والجمال والأخلاق والتواضع والطرب.. سامحيهم وسامحينا.. فنحن أصبحنا في زمان مختلف لم تعهديه.. أصبحنا نستل سيوفنا لنوجهها إلى “الرموز”.. إلى “الكنوز”.. إلى ست الكل “فيروز”.. لأننا في زمان “وقح” يسيطر فيه أصحاب الجهل والمصالح وكل أعداء المشاعر الإنسانية والأماني الحالمة.. فماذا استفاد هؤلاء الذين حاولوا الإساءة لكِ؟!! لم يستفيدوا شيئًا ولن يستفيدوا.. ولم يلاقوا بعد اليوم سوى نظرات “الاشمئزاز” من فعلتهم ومن فكرهم ومن حقدهم ومن غبائهم.. فيا سيدة الفن والجمال والأخلاق والتواضع والطرب.. تحية حب ومودة وتقدير.. وباقات من الورود العطرة.. ودعوات بأن يبقيكِ المولى الكريم لنا رمزًا خالدًا للعطاء والإبداع.. نوجهها إليكِ من كل بلاد عالمنا العربي الذي وقف «بقوة» ضد من حاولوا التقليل من مكانتكِ وشخصكِ.. فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا أبدًا.. لكِ يا سيدة الفن والإبداع.. تنحني قاماتنا أمام شموخكِ وكبريائكِ وتواضعكِ وأخلاقكِ السامية الرفيعة.. أمام عطاءاتكِ.. وإبداعاتكِ.. ولن نجد ما نقوله لكِ سوى: شكرًا لكِ من جديد.. فحتى وأنتِ تتعرضين لهذه المواقف المسيئة.. استطعتِ أن تجمعي العرب حولكِ.. كما يفعل دائمًا سحر صوتكِ وأغانيكِ.. وهذا هو ديدن العظماء.. وأنتِ في مقدمتهم وعلى رأسهم. إحساس يا غصن نقا مكلّلًا بالذّهب أفديك من الردى بأمي وأبي إن كنت أسأت في هواكم أدبي فالعصمة لا تكون إلا لنبي.