يومًا بعد يوم، تحقق بلادنا الغالية موقعًا متقدمًا بين الأمم، وتسجل رقمًا قياسيًّا، وترتاد مدارًا جديدًا من مدارات التميّز في مجالات متعددة ومختلفة، علمية وثقافية واجتماعية واقتصادية، فبالأمس القريب أوضح التقرير رقم عشرين لمنظمة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) والذي صدر مؤخرًا تحت عنوان الاستثمار في اقتصاد منخفض الكربون، أن بلادنا حققت المركز الثامن من بين أفضل دول العالم جذبًا للاستثمارات الأجنبية العالمية، وبحسب التقرير الذي يرصد توقعات تدفقات الاستثمارات حول العالم وإفريقيا وآسيا، وفرص توجه الاستثمارات الأجنبية العالمية نحو صناعات منخفضة الكربون، فإن البلدان النامية ومن بينها بلادنا قد استحوذت على نصف تدفقات الاستثمار الأجنبي العالمي المباشر وعلى ربع التدفقات المالية الخارجية العالمية، وخلص التقرير إلى أن ذلك يعني أن هذه البلدان تظل هى المناطق المفضلة والأكثر جذبًا للاستثمارات الأجنبية المباشرة. إنه لنبأ عظيم وبشارة طيبة لنا، ومن حقنا أن نفخر به كإنجاز مهم يدل على أن جهودًا كبيرة ومخلصة قد بذلت على المستوى الرسمي وعلى مستوى المؤسسات، ويعني كذلك وفي المقام الأول أن نهج الإصلاح الذي اتخذه مليكنا المفدى خادم الحرمين الشريفين أيده الله، ومبدأ ترسيخه لقيم المسؤولية والمحاسبة سبيلاً لبناء مجتمعنا والانطلاق به نحو العالمية بدأ يؤتي ثماره، هذا فضلاً عن تنامي حسّنا النقدي البناء لكثير من أنظمتنا وتشريعاتنا، خاصة تلك المتعلقة بالاستثمار وأسس الشراكة مع الآخر ، والإسراع في تعديلها بما يتناسب والمتغيرات من حولنا، كل ذلك كان له دور فيما تحقق لنا من موقع متقدم في ذلك المجال، الذي سيفتح آفاقًا واسعة من الفرص الاستثمارية المربحة خاصة للشباب كما يوفر فرص عمل لا حدود لها للعديد منهم كما يرى المراقبون والمختصون . إذن، لقد تمكنا بتوفيق من الله عز وجل وصبر وجهد ورعاية من قائد حكيم أن نحرز هذا النجاح، وبقي لنا أن نعمل على إدارة هذا النجاح وإدارة الفرص التي ستتولد منه للقضاء على البطالة، التي أرى أن سببها الأساسي، عدم توفيقنا في إدارة ما لدينا من موارد وفرص قبل أن يضيف إلينا المركز الثامن موارد وفرصًا جديدة . في اعتقادي، إن البطالة لدينا لم تكن يومًا بسبب العمالة الأجنبية التي استقدمناها بمحض إرادتنا ونستطيع بجرة قلم شطبها والتخلص منها، وليس سببها ضيق الفرص ومحدودية المجال، ولا يمكن حلها بسعودة سوق الخضار، أو بمطاردة السباكين، وإنما -وكما قلت آنفًا- فشلنا في إدارة الموارد، والدليل أن لدينا مجالات عمل عديدة، يأتي الآخرون ليستثمروا فيها، وهناك فرص وظيفية جيدة ومرموقة يشغلها عمالة استقدمناها ولم نسع لإيجاد مَن يخلفها، كما ولدينا العديد من الصناديق التي أبدت بأريحية استعدادها لتمويل كافة مشاريع الشباب، فما سبب البطالة إذن غير سوء في الإدارة، وضعف في بناء الشباب وتأسيسهم وتدريبهم لاقتناص الفرص وابتكار المبادرات؟. نافذة : كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول