لا أحبّ سرْد وقائع شخصية جرت لي، لكن مُكرهٌ كاتبكم لا بطل، إذ ذاتَ ليلة أدخلتُ بطاقة صرف نقود في ماكينة بنك تبدو قديمة، وضغطتُ في الشاشة على أيقونة سحْب مبلغ (1500) ريال، فخرجت البطاقة وتلاها إيصال السحْب، مؤذّنيْن بإنجاز العملية، وبعد ثوان، وردت لجوّالي رسالة من البنك تُؤكّد السحْب، فللّه درّ بنوكنا على تقنية اتصالاتها المتقدّمة التي تنتمي إلى العالم الأول، لكن المشكلة هي أنّ المبلغ حُشِر داخل الماكينة ولم يخرج منها البتّة!!!. ومع هكذا موقف، أشكو مَنْ لِمَنْ؟ هل أشكو البنك إلى الشرطة؟ ستُفيدني أنّ هذا ليس من اختصاصها! هل أشكو البنك إلى مؤسّسة النقد؟ يا ليل ما أطولك! فآخر اهتمامات المؤسسة هو تصحيح أداء البنوك، هل أشكو البنك إلى نفسه؟ لقد فعلت وقال لي موظّفه: حسب الكمبيوتر فقد سحبْتَ المبلغ، ولم يبق سوى أن يقول: يا اسمك إيه روح والعب غيرها، وحتّى لو تقصّي وظهرَ صِدْقي فلن يُعِيدْ لي المبلغ إلاّ بعد أسابيع من المرْمطة، كما حدث مع غيري كثير!. وهنا أتساءل، فحالي بحمد الله مستورة، وضياع ال (1500) ريال يُؤثّر عليّ، لكن ليس لدرجة إعلان إفلاسي، لكن ماذا لو ضاع على موظف في القطاع الأهلي، أب لعيال، وراتبه كلّه هو (1500) ريال؟! أو أرملة في حضنها أيتام مساكين، ولا دخل لديها سوى راتب زوجها التقاعدي الذي يبلغ (1500) ريال بعد أن نتفت ريشه مؤسّسات التقاعد؟! أو مطلّقة موظّفة على بند الأجور المتواضع براتب (1500) ريال؟!.. حتْماً هو عليهم طامّةٌ كُبرى!. بنوكنا تبخل بتغيير ماكيناتها القديمة التي تُشبه ماكينات فرْم اللحم المهترئة، يُدخل فيها اللحم ويُفرم ويُحشر داخلها، ومؤّسّسة النقد تتفرّج، والشكوى لله!.