لا زالت حوادث الطيران تثير الكثير من التساؤلات حول سلامة النقل الجوي، وتعتبر هذه الوسيلة - على الرغم من مخاطرها الظاهرية - الأكثر أمناً، فعدد القتلى فيها أقل بكثير من النقل البري أو البحري، حتى جاءت حادثة الشاب اللبناني فراس حيدر، الذي تعلق في عجلات طائرة «سما»، الإيرباص 320، المتجهة من بيروت لمطار الملك خالد الدولي بالرياض، في 11 يوليو، فتم إثارة الموضوع مرة أخرى، بجرأة أكثر، هل هناك حساسات تستطيع أن تنبه قائد الطائرة أن هناك جسماً دخيلاً أو حمولة غريبة أضيفت إلى جسم الطائرة وهي تستعد للإقلاع، غير ما تم ضبطه من حمولات سابقاً عند إحكام الأبواب؟ في 12 من نوفمبر 1996 تحطمت طائرة الخطوط الجوية العربية السعودية رحلة رقم 763 من طراز بوينج 747 ، والمتجهة من نيودلهي في الهند إلى الظهران في المملكة العربية السعودية أثناء الاقلاع اثر اصطدامها في الجو بطائرة الشحن من طراز إليوشن التابعة للطيران الكازاخستاني والقادمة من سمرقند في كازاخستان إلى نيودلهي، مما نتج عنه مقتل جميع الركاب في الطائرتين وعددهم 349 راكبا. مما يجعلها أكبر حادثة لاصطدام جوي في التاريخ من حيث عدد الوفيات. تحليل اسباب حادثة نيودلهي نتج عنه أمران، أولاً ضعف التخاطب باللغة الإنجليزية مع قائد الطائرة الكازاخستانية ومساعديه، فتم تعميم إلزامية دراسة اللغة الإنجليزية، لكل العاملين في مجال الطيران الجوي، وبرج المراقبة، وطاقم الطائرة على اعتبار أنها اللغة العالمية التي يجب أن يتقنها الجميع حتى لا تصبح هناك حوادث قاتلة في المطارات والطائرات بسبب ضعف التواصل بين العاملين في الجو والأرض. أما الأمر الثاني فهو متعلق بتحديث معدات كل الطائرات بحيث يكون فيها إلزامية وجود حساسات بالرادار على كل طائرة، توضح وجود أجسام صلبة قريبة، مثل طائرة أخرى قريبة منها، فيبدأ كابتن الطائرة باتخاذ اللازم قبل أن يحدث اقتراب أو احتكاك مع طائرة أخرى، خصوصاً أن المسافة التي يحتاج لها الكابتن لتعديل مسار الطائرة طويلة، ويحتاج لوقت طويل لعمل اللازم، تتناسب مع حجم كل طائرة. لذلك فإن حادثة فراس حيدر، سوف تفتح شهية العلماء في مجال تقنية الطيران وهندسة الطيران والميكانيكا، لتطوير الناقل الجوي مرة أخرى، ليصبح أكثر أمناً، عن طريق إضافة حساسات يستطيع منها الكابتن معرفة وجود دخيل للطائرة عند إقلاعها، وكذلك التحكم في منظومة العجلات، وطرق فتحها وإغلاقها، بحيث لا يتمكن أي شخص متسلل من الدخول إليها عبر فتحة الدخول والخروج الأتوماتيكية. بعيداً عن ذلك، هناك قضية سوف تثير شهية علماء آخرين، مهندسي الحياة، وليس مهندسي الطيران، وهو تحليل جرأة شاب على دخول حجرة العجلات في طائرة سوف تحلق على مسافة 15 ألف قدم، بدون سترة نجاة، وبدون براشوت، وبدون أغطية واقية، وبدون أكسجين، جرأة نادرة، لا تخلو من السذاجة، والتهور، ومع ذلك يجب النظر إلى ظروف وأحوال الشباب العاطل الذي يتحلى بجرأة وشجاعة نادرة، ومع ذلك لا يعرف ولا يستطيع ولا يتمكن من أن يعيش حياة كريمة على الأرض.