تُعدُّ محافظة أملج -التي تقع على ساحل البحر الأحمر- من أكثر مدن المملكة من حيث أعداد الصيادين للأسماك، وأسماكها من أطعم الأسماك، وذلك لكثرة الجزر، حيث تتنوّع النباتات البحرية، ويعمل جل أهلها بصيد السمك، وهو مصدر رزقهم، ويأتون به ويبيعونه، والباقي يُصدّر إلى أسواق جدة، والمدينة المنورة، ولاقين خير بإذن الله.. ولهم على هذا سنين وسنين.. وقبل أشهر أتى أعضاء المجلس البلدي فاخترعوا عددًا من الأنظمة لإثبات وجودهم عند أكبر شريحة من الأهالي وقالوا لابد من أن يكون هناك حراج للسمك في أملج، وفعلاً نفذ الصيادون الطيبون الأمر، واستمر هذا فترة من الزمن.. ثم أتى أعضاء المجلس البلدي، فقرروا أن يلغوا البيع بالحراج، ويأمروا الصيادين بمنع البيع بالحراج، ولابد من البيع بالميزان، وعملوا مشكلة في أملج، ووصل الأمر إلى امتناع الصيادين الذين لا يعرف بعضهم أن يقرأ أو يكتب أو يزن بالكيلو! وبسبب أعضاء المجلس البلدي أصبحت أسواق أملج بدون سمك غذاء الأهالي الرئيسي في المحافظة، وأصبح السمك يُباع في الخفاء في سوق سوداء! ووصل الأمر إلى المحافظ، وإلى أمير المنطقة، والسبب في المشكلة أعضاء المجلس البلدي.. وتدخل الناس أهل العرف، وحاولوا احتواء الأزمة التي سببتها قرارات المجلس البلدي في أملج.. وهنا خرج أعضاء المجلس البلدي، ونشروا في المجالس ومنتدياتهم أنهم سوف يجدون حلاً للمشكلة، وأظهروا أنفسهم أبطالاً! وهم أسباب المشكلة أصلاً. وأخيرا بعد عدة اجتماعات لمحافظ أملج قرر أن يرجع البيع إلى ما كان عليه.. والحمد لله رجع الأمر إلى ما كان عليه مع بعض الرتوش لحفظ قرارات المجلس البلدي.. وإنني أهمس لأعضاء المجلس البلدي بنصيحة آمل منهم ترك الصيادين بحالهم، وراقبوا مشاريع بلدية أملج التي تركزت في الشارع الرئيسي فقط، والشوارع الخلفية والحارات ،والقرى يعلم الله بحالها. أسامة محمد الجهني - أملج
----------------------------------
ما الذي نجح فيه التعليم ؟! لقد ضُخت ولا تزال الكثيرُ من الأموال في التعليم إلا أن القضية ليست في الأموال فقط ولا في محاولات إصلاح التعليم وترقيعه وإنما في فلسفة التعليم. السؤال ليس هل نجح التعليم وإنما ما الذي نجح فيه التعليم أو ما الذي نريد أن ينجح فيه التعليم ؟ لا شك أن بلادنا تعاني من مشكلات كثيرة ولا شك أن الذي يحل هذه المشكلات هو الإنسان ولا شك أن الذي يهيئ الإنسانَ لحل هذه المشكلات هو التعليم ولا شك أن تعليمنا لا يهيئ هذا الإنسان وبالتالي لا أمل في إصلاح ولا أمل في حل مشكلاتنا. إن التركيز على فلسفة سوق العمل والانجاز الأكاديمي للطلاب ونقل المعلومة للطلاب من الكتاب أو من الكمبيوتر إلى أدمغتهم ورفع لوحة الحوار والنقاش والتفكير للدعاية فقط، واختبارات صح وخطأ واملأ الفراغ الخ لن يحقق شيئا مهما بُذلت الأموال والجهود لأننا ببساطة في العمارة الخطأ كما في القصة التي تحكي أن اثنين ذهبا ليزورا صديقا لهما فوجدا المصعد لا يعمل فوضعا خطة للوصول إلى الطابق العشرين بسلام حيث يقطن صديقهما. فلما وصلا، وجدا أنهما في العمارة الخطأ!! تُرى لو أنهما نزلا وركبا المصعد بعد إصلاحه فهل سيصلان إلى صديقهما؟ حتما لا؛ لأنهما في العمارة الخطأ..! إن السؤال الأول الذي ينبغي أن يصبح حوارا وطنيا جادا هو: ما الذي نريد من التعليم؟ لأننا إذا لم نعرف، أصبحنا كالذي سأل أحد الناس عن الطريق فلما سأله المسؤولُ عن وجهته وأجاب بأنه لا يدري، قال له: «فإذا، لا يَهم أيّ طريق تسلك». فإذا كنا لا نعرف إلى أين نريد الذهاب، فكل الطرق يُمكن أن تُسلك. ومن الهدر ألا نعرف أين نريد الذهاب؟ وماذا نريد من التعليم؟ وكيف نرى مستقبل الجيل القادم بل كيف نرى مستقبل بلادنا وكيف نريدها أن تكون. وكثيرا ما أشير إلى أن «ماسلو» يرى أننا وصلنا إلى محطة في التاريخ لا تشبه محطات سابقة. فالحياة تسير بسرعة غير معهودة وتعليم الطلاب الحقائق والتقنيات أصبح لا يجدي لان كل ذلك يتغير والحل هو محاولة إيجاد إنسان جديد يرتاح للتغيير ويستمتع به ويستطيع بثقة بالنفس وشجاعة وقوة أن يواجه موقفا بلا توجيهات مسبقة. بمعنى أننا بحاجة لأناس لا يُوقفون الزمن ولا يجمدونه ولا يفعلون ما فعل آباؤهم، ويستطيعون مواجهة الغد بدون معرفة ما يأتي به الغد. والمجتمع الذي يقدم أناسا كهؤلاء سيبقى ويستمر والآخر سيموت. بلادنا تعيش مشكلات الأفكار والبطالة والفقر والمخدرات والعنصرية ولو بنسبة معينة وارتفاع نسبة الطلاق وعدم احترام الإنسان وضياع الحقوق والفراغ الذي يعانيه الجميع خاصة الشباب ناهيك عن الانفجار السكاني مع مشكلات التلوث وندرة المياه والهدر في مجالات مختلفة والاعتماد شبه الكلي على البترول الذي دعا مليكنا حفظه الله أن يطيل الله عمره. لقد تحولت كثيرٌ من الجامعات إلى مدارس يحفظ فيها الطلاب المادة المقدمة لهم ويتخرج كثير من طلابها ولم يقرأ أحدهم أكثر من 5 كتب كاملة فالملخصات حلت محل الكتب، والحفظ مكان الحوار والبحث والاكتشاف، ومات النهمُ المعرفي، وضاعت الدهشة، وسُورت المواضيع، وخُوف الطلاب من المجهول، ومُنع السؤال المفجر لغير المُتوقع. فكيف ينهض شعب هذا مستوى جامعاته؟! ألا نريد جيلا يفكر ويبحث ويعمل ضمن فرق ومجموعات ويملك القدرة على التعامل مع المشكلات الحياتية المختلفة ويملك الثقة بالنفس والقدرة على حوار الآخرين ومخاطبة المجهول واقتحام الأراضي المعرفية وتخطي الأسوار والأسقف المعرفية التي وُضعت ومحاولة الجديد وإبداع أفكار جديدة والوصول إلى محطات جديدة ؟! ألا نريد إنسانا يهتم بنفسه والآخرين ويحافظ على السلام الاجتماعي وينمو عقليا وروحيا وعاطفيا؟! ألا نريد إنسانا يرى الأمور بمنظور طيفي أوسع من أبيض أو أسود ؟ إذا كنا نريد هذا فصدقوني، إننا بحاجة لبذل المزيد من الجهد للسير على الطريق الصحيح..! خالد سيف الدين عاشور - جدة