قالت مصادر ل “الرسالة”: إن التوجه الذي اتخذته اللجنة الدائمة للإفتاء بتعيين أعضاء ينوبون عنها في مناطق المملكة، من المؤهلين للفتوى، يأتي تمهيدًا لفتح فروع للحنة في المناطق، لإصدار الفتاوى الخاصة واعتمادها، وقطع الطريق على غير المؤهلين شرعيًا من إصدار الفتاوى، وأضافت المصادر أن هناك قضايا منظورة أمام المحاكم، التي تتعلق بالأحوال الشخصية تتطلب فتاوى بشأنها للبت فيها، وأن الجهة المخولة لإصدار هذه الفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، التي تتخذ من الرياض مقرا لها، وتجتمع أسبوعيا يومي الاحد والثلاثاء، ويستقبل أعضاؤها الفتاوى إما هاتفيًا أو بحضور صاحب الفتوى شخصيا، وأشارت المصادر إلى أن المناقشات التي شهدها مجلس الشورى ومطالبات بعض الاعضاء لتعزيز دور اللجنة الدائمة للافتاء ودعمها، ينصب في إطار الجهود المبذولة لتوحيد الفتوى في الجهات المخولة لها وهي هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة، وإصدار نظام يجرم من يفتئتون على اختصاصاتهما ومسؤولياتهما، وجاء الأمر السامي الكريم بتعيين فضيلة الشيخ الأصولي عبدالكريم بن عبدالله الخضير عضوا في اللجنة الدائمة تدعيما للجنة. وقال الخبير في مجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور محمد بن يحيى النجيمي: إن ما شهدناه في الفترة الاخيرة من صدور فتاوى تأخذ بأقوال شاذة، وخاض في الفتوى من غير أهل لها، فإن هذا يعد افتئاتا على هيئة كبار العلماء والمجمعين الفقهيين، اللذين يمثلان كل الدول والمنظمات الاسلامية، علاوة على خطورة هذه الفتاوى وما تحدثه من اضطراب بين الناس، مضيفا: ما انتشر الغلو سواء الديني أو غير الديني الا بسبب هذه الفتاوى المتفلتة التي لا زمام لها ولا خطام. وعن الحجر على صاحب الفتوى الشاذة قال د. النجيمي: ان هذا مطلب شرعي تحدث عنه الفقهاء قديما وحديثا، حيث نصوا على انه يحجر على المفتي الماجن، والمقصود ب “الماجن” الذي يفتي بالفتاوى الشاذة، ثم إني أستغرب أشد الاستغراب ممن يعارض الحجر على المفتين غير المؤهلين، في الوقت الذي لا يفتح طبيب عيادة إلا بإذن الجهات المختصة، وكذلك المهندس لا يفتح مكتبا هندسيا إلا بإذن، فلماذا يبقى أمر الدين مفلوتا فيفتي كل من هب ودب، ورفض النجيمي ان يكون كل واعظ مفتي وقال: هذا امر ذكره الفقهاء في مدوناتهم، الذين فرقوا بين الوعاظ والمفتين، فالوعاظ وظيفتهم التعريف بالدين وترغيب الناس والتركيز على الفضائل. أما خبير الانظمة المستشار القانوني الشيخ حمود الناجم فقال: المختص شرعا ونظاما بالفتاوى هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة، ومن أصدر فتوى ومن لا ينتسب إلى هيئة كبار العلماء أو اللجنة الدائمة يكون قد تعدى نظاما على اختصاص الهيئة واللجنة، لانه باشر حقا لا اختصاص له فيه، وقال الناجم: ان الأنظمة التي يسنها ولي الامر ويصدرها الغاية والمقصود منها هو تحقيق المصلحة العامة للبلاد والعباد،وهي غاية مقصودة من تنظيم واصدار الانظمة في عمومها. وأوضح الناجم أن من يصدر الفتوى ويكون غير منتسب لا للهيئة ولا اللجنة الدائمة وليس مخولا منهما بذلك؛ فإنه يكون مفتئتا ومخالفًا ويجب تطبيق النظام عليه لممارسته غير اختصاصه، وأكد الناجم ضرورة إصدار نظام واضح وصريح يمنع المتسللين غير المؤهلين من إصدار أي فتوى على اي وجه كان، وتحصر الفتوى في هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة ويكون المسؤول عن مباشرة ذلك والرقابة عليه سماحة المفتي العام، لأن سماحته قد يصدر فتوى ثم يأتي شخص آخر لا يتمتع بالكفاءة والتأهيل الشرعي المطلوب ويقول بعكسها، فيحدث هناك تضارب وتعارض بين هذه الفتاوى وهذا أمر لا يقره الشرع ويحظره النظام.