تحدثتُ في كلمة الأمس عن الخسائر الفادحة التي تتكبدها المملكة، بسبب جرائم الغش التجاري والتقليد بكل أنواعه، والذي بلغ 41 بليون ريال سنويًّا، بالإضافة إلى المخاطر التي تهدد حياة المواطنين، وأريد اليوم أن أواصل إلقاء الضوء على هذه المشكلة الكبرى التي تواجهها المملكة، من واقع البحوث والدراسات التي قدمت لورشة عمل، رعتها الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية. إن المنتج المقلد أصبح متطورًا جدًا، لدرجة أن المختص والمواطن لا يستطيعان كشف المنتج المقلد، على رغم وجود الرقابة، كما أن الغش التجاري امتد ضرره لصحة الإنسان، إذ بلغت نسبة الغش في الأواني المنزلية المصنعة من مادة الاستانلس ستيل، وهو عبارة عن مادة مختلطة من الحديد والألمونيوم، والمستخدمة في الطهي بلغت 43%، إذ يخفض المصنعون مادة النيكل المستخدمة في التصنيع، ويستخدمون بدلاً منها مادة المنجنيز، وهو ما يضر بصحة الإنسان، وأيضًا يؤثر سلبًا في خطوط الإنتاج في المصانع، ممّا يؤدي إلى الانفجارات التي تحدث في المصانع، لأن المواد المتلاعب بها لا تتحمل درجات الحرارة العالية في المصانع. * * * ورغم أن هيئة المواصفات والمقاييس وضعت 14 ألف مواصفة، إلاّ أن المعمول بها حوالى ألف مواصفة فقط، ممّا يشير إلى حجم الكارثة التي نعاني منها، ويؤكد حاجة المملكة إلى إجراءات سريعة لوقف طوفان السلع المقلدة التي تجتاح الأسواق، وأن تشجع الاستثمار الخاص في نشاط الفحص والاختبار، لدعم جهود الدولة في مكافحة الغش التجاري والتقليد. ما هي أسباب تفشي هذه الظواهر الخطيرة؟ لقد أوردت الجمارك السعودية أسبابًا عدة أهمها: غياب القيم الأخلاقية والمبادئ لدى المصنعين والموردين للمنتجات المقلدة، وقلة الكوادر المتخصصة في الكشف عن السلع المغشوشة والمقلدة، وعدم وجود رابط وتنسيق بين الجهات المعنية بمكافحة ظاهرة الغش التجاري والتقليد، وطول الإجراءات المتبعة في قضايا الغش التجاري، وعدم كفاية المختبرات الوطنية، وعدم التزام الدول الصناعية بمنع استيراد وتصدير السلع غير المطابقة، وقلة وعي المستهلك، واستفادة صناع الغش التجاري من التقنيات الحديثة في إنتاج السلع المقلدة التي يصعب تمييزها، والتقصير من بعض ملاك العلامات التجارية، إضافة إلى الاعتماد على شهادة المطابقة الصادرة من بلد المصدر، وهي شهادات مزيفة يسهل الحصول عليها في كثير من البلدان. فاكس: 6530693– 02 [email protected]