المراقب للمشهد المقدسي الراهن يدرك على الفور أن إسرائيل تسابق الزمن في العمل على تهويد المدينة بالكامل، ذلك انه من النادر أن يمر يوم دون تدشين بناء وحدة سكنية جديدة، أو هدم منزل لمواطن مقدسيّ، أو عملية اعتقال أو إبعاد لمواطنين مقدسيين، وما حدث أمس يجسد هذا المشهد المأساوي لمدينة عربية عريقة تلفظ أنفاسها الأخيرة، فقد أقرّت لجنة التخطيط والبناء التابعة لبلدية القدس بناء 32 وحدة استيطانية جديدة في المنطقة الشرقية لمستوطنة «بسغات زئيف» المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 في القدس، وذلك من أصل مشروع أشمل يتضمن اقامة 230 وحدة سكنية استيطانية من المنوي بناؤها في المنطقة القريبة من قرية حزما. فيما يتوقع أن تقوم اللجنة التابعة للبلدية بالمصادقة على بناء 48 وحدة إضافية خلال الأسبوع المقبل. وأمس هدمت إسرائيل منزلين وغرفة زراعية في العيسوية ومنزلا ثالثا في بيت حنينا دون سابق إنذار وسط حصار مشدد وحظر للتجول مفروض على سكان المدينة لينضم أصحاب تلك البيوت إلى عديد العائلات التي دمرت منازلها وأصبحت تعيش في خيام نصبتها على أنقاض بيوتها المهدمة !!. وبالأمس أيضًا قامت إسرائيل بمحاصرة منزل النائب المقدسي أحمد عطون بعد رفضه الإذعان لقرار إبعاده مع ثلاثة آخرين من النواب المقدسيين. هذه الممارسات والانتهاكات تؤكد من جديد على استهتار حكومة بنيامين نتنياهو بالمجتمع الدولي والرأي العام العالمي، إلى جانب ما تقدمه من دليل آخر على أن إسرائيل غير جادّة وغير ملتزمة بعملية السلام، وعلى استهزائها بالجهود الأمريكية لإحياء تلك العملية من خلال ضرورة إظهارها مؤشرات للنوايا الحسنة وبذل جهود تعزيز الثقة وفق ما دعا إليه الرئيس الأمريكي باراك أوباما خلال لقائه بنتنياهو الأسبوع الماضي. المطلوب من السلطة الفلسطينية إظهار قدر أكبر من الجهود لدعم قضية القدس، والتضامن مع المقدسيين في مواجهتهم للهجمة الصهيونية الاستيطانية الشرسة التي تستهدف الحَجَر والبَشَر،بزيارتهم المدينة، والتصدي بحزم أكبر لسياسة التطهير العرقي الهادفة إلى تغيير الهوية العربية للمدينة وتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي فيها.