ان ما نشر يوم الاحد 20/6/2010م في جريدة “الحياة” على لسان مسؤول امني من ان خمسة وعشرين من اجمالي 120 ممن افرج عنهم من سجن القاعدة البحرية الامريكية في خليج غوانتنامو بكوبا عادوا الى التشدد بعد اخضاعهم لبرنامج اعادة التأهيل والمناصحة، وان الفين من المعلمين منعوا من التدريس بسبب ارائهم المتطرفة خلال السنوات الخمس الماضية، كما ان هناك ألفًا وأربع مائة معلم متعاطف مع القاعدة رهن الاحتجاز، هذا التصريح يثير التساؤل حول مدى نجاحنا في اجتثاث هذا الفكر الذي يقود الى العنف (الارهاب) من عقول من اقنعوا به عبر منظرين، نخدع انفسنا ان توهمنا اننا استطعنا ان نضعف تأثيرهم خاصة على صغار السن من المراهقين، وكبار السن من السذج في هذا الوطن، وان كان يتجاوزهم ايضاً الى من نظن احياناً أنه لا يمكن التأثير عليه، لاقتناع تولد لدى البعض منا ان مناهجنا التعليمية ومقرراتها قد حصنته ضد كل فكر منحرف، وينسى ان بعض مفرداتها كان من الاسباب الداعية لتقوية هذا الفكر، فلا يزال المنظرون له منتشرين في خلايا المجتمع، قد نجد في المدارس نماذج له صارخة لها مناهج خفية تغذي عقول صغارنا بالعداء لنا، وبالكراهية لسائر الدنيا، وقد نجد منهم بين الدعاة من اقتنع بمثل هذا الفكر وروج له، واما من يعقدون حلقات الدرس في المساجد دون رقيب فقد نجد بينهم منظرين حقيقيين، كما وجدنا في الماضي، واما المواجهة الفكرية لهذا التنظير فتكاد ان تكون معدومة، والقائم بها متطوعا وهو اهل لها يناله الكثير من العنف، اقله اتهامه بمخالفة الدين ان لم يدع انه ملحد وفاسق، والمناصحون يظهر من لحن القول لبعضهم تعاطفاً مع فكر بعض من يناصحونهم، تلحظه في ثنائه عليهم، وان ما دفعهم الى العنف او الترويج له الا حماسهم للدين، وغيرتهم على ان يمس بسوء، ففي الحدث الاخير المعلن عنه من القبض على امرأة من نساء القاعدة، كان لها دور فاعل في تحريك الاموال لدعم الارهاب، رأينا المناصح لها يسوق لها من عبارات المديح والثناء، والتي تبرر لها فعلها بادعاء قلة علمها (وكانت مدرسة) وسذاجتها المزعومة، مما يوحي انها هي من اثرت فيه، ولم يكن قط المؤثر فيها، وهذا احد المناصحين، لا يترك فرصة يظهر فيها في الاعلام الا وزعم انه ذو التأثير الابرز في مشروعها، وهو يتخبط في ما يصرح به عبر القنوات الفضائية، من تأييد لفتاوى تصنع ثقافة الارهاب مثل تأييده كفتاوى القتل مرة لاصحاب الفضائيات، واخرى لبعض كتاب الصحف، ومثل تأييده لفتوى وصم من يرى ان ما يسمى الاختلاط منه مباح مقبول بالدياثة، وله اليوم تخبط لا يحسد عليه، يحرم الاختلاط ثم يمارسه، يزعم ان اي تواجد لرجل مع امرأة في اي صورة كانت اختلاط محرم ثم يعود عن ذلك فلا يعتبر اختلاطاً الا ما كان خلوة، فكيف يصلح مثله لمناصحة، واننا حتى هذه اللحظة لم نر برنامجاً معداً باتقان للمواجهة الفكرية لهذا العنف ومنظريه ومموليه، فلا تزال الساحة خلواً من هذا الفكر المواجه، والمقنع في ذات الوقت، والذي نأمل من خلاله استعادة ابناء للوطن غرر بهم واختطفوا لتصنع منهم قنابل موقوتة، تفجر بين الحين والاخر في ساحات الوطن، تزهق الأرواح، وتنشر الرعب، وتدمر الممتلكات، وقد تفجر في غير ارضنا فتجلب لنا سمعة سيئة تنتشر عبر العالم، فالخطة الشاملة والمتقنة لمواجهة فكر العنف لم تنجز بعد، رغم ان هناك نوايا طيبة لإنجازها، كما ان هناك خطوات وئيدة لإشعال فتيل هذه المواجهة الفكرية، تمثلها كراسٍ جامعية لم تؤت ثمارها بعد، فلابد ان نسرع في ايجاد هذه الخطة لنكون الرديف الاهم للمواجهة الامنية المستمرة مع نتائج هذا الفكر المولد للارهاب، ونحن في حاجة ماسة للبحث عن جذور هذا العنف في موروثنا الثقافي الديني، خاصة منه المؤثر بقوة في حاضرنا، والذي له مؤيدون كثر، يظنون ان العنف انما اتى حينما تركنا هذا الموروث وتجاهلناه، ولو بحثنا في ثناياه لوجدنا للعنف جذوراً لا تخطئها العين، فاذا وجدنا شيئاً من ذلك نقدناه، دون ان نخشى لوماً على ما نفعل، حتى ولو كان هذا الذي يحض على العنف في هذا الموروث في فكر من نحب ونقدمه على سائر علماء الامة، فالبشر كلهم عرضة للخطأ، وخيرهم التوابون منه، والا تأخذنا لومة لائم في متابعة هذه الجذور اياً كان المصدر الموجودة فيه، فلن يزول الارهاب الا بمواجهة الفكر المؤسس له، فهل نفعل هو ما نرجو والله ولي التوفيق.