لم يقتصر الفساد الذي سوّدت أحرفه صفحات الجرايد والمجلات على تسرّب الاموال العامة بدون وجه حق او إرساء مشاريع شبه وهمية وسوء تنفيذ المشاريع التنموية ولا على المبالغة في ايجارات الاجهزة الحكومية او تفصيل بعض المشاريع على زيد بدلا من عبيد أو المبالغة بفرش المكاتب الحكومية واستغلال سيارات الدولة من كبار وصغار الموظفين والتسرب الاداري المأهول, وافتعال الدراسات والدورات الترفيهية وتكرار مشاريع صيانة المنشآت الحكومية بدون سبب وبروز دور حرف الواو بتوظيف الأقارب وتلاعب العمالة الوافدة بالأسعار وابتزاز المواطن بدون رقيب وغش المطاعم بإعادة تصنيع الأطعمة وتكرار قلي الزيوت مما سبب تفشي الأمراض التي من أبرزها السرطان وتدفق العمالة الوافدة دون توقف حتى أصبح المواطن يشعر بغربة وهو في بلاده !! بل أمر الفساد تعدّى الى أفظع من ذلك مستترا باسم الاعمال الخيرية وهي لم تكن كذلك بل لتمتلئ الجيوب ويحرم المستحقون . ومايزيد الطين بلة أن يحدث هذا الفساد ممن اكتسبوا ثقة الناس من خلال اقوالهم ومظهرهم ورفعهم لشعار الاعمال الخيرية او الدعوية وهم بذلك يشوّهون المنهج الدعوي والخيري بجمع الاموال لحسابهم الخاص ولسان حالهم يقول: (الحلال ماحلّ باليد) مهما كان مصدره ومن النماذج الحيّة المشينة ماقام به أحد ائمة مساجد جدة بابتزاز اموال الناس بحجة الاعمال الخيرية واتضح خلاف ذلك وتمّت محاكمته وكذلك ماقام به اشهر ائمة مساجد الباحة الذي كشفت سوأته جريدة المدينة بعددها 17206 في 19/6/1431ه وليس قضية المرأة الملقبة بالقصير بمنطقة القصيم التي جمعت اموالا كثيرة لتغذي اصحاب الافكار الجانحة وماخفي كان أعظم . فأصبح المرء في حيرة من أمره بسبب تعدد اساليب الفساد الاداري والمالي ومايخبأ تحت غطاء الاعمال الخيرية من فساد ولم يتضح الا بعد حين ان وراء الأكمة ما وراءها. ولذلك اتسع رتق الفساد على الراتق والواضح لا يوضّح ، الا ان الذكرى تنفع اصحاب الضمائر الحيّة ، ولعل من العلاجات المتاحة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب في الاجهزة التنفيذية بعيدا عن المحاباة واستنهاض الاجهزة الرقابية ومؤازرة قراراتها بالتنفيذ لا بالتعطيل والامر الأهم لعلاج الفساد هو تفعيل القرار الاصلاحي الذي اصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله حفظه الله القاضي بمحاربة الفساد بشتى انواعه,اذا تبنّى تفعيله رجال أمناء لاتأخذهم بالحق لومة لائم وما أكثرهم إذا أحسن الاختيار... والله المستعان.