قصة العلاقات السعودية – الأمريكية تستحق أكثر من وقفة بسبب تفردها . والواقع أن القضية الفلسطينية ظلت تشكل – رغم متانة تلك العلاقات- عنصرًا شائكًا في العلاقات بين البلدين ، لكن ثبات الموقف السعودي إزاء تلك القضية منذ عهد القائد المؤسس الملك عبد العزيز – يرحمه الله- جعل واشنطن تدرك جيدًا أن تلك القضية تشكل أحد الخطوط الحمراء في السياسة الخارجية السعودية ، والشاهد على ذلك مراسلات الملك عبد العزيز والرئيس الأمريكي روزفلت التي أكد فيها الملك عبد العزيز على تمسك المملكة بالدفاع عن القضية الفلسطينية . وقد ظلت المملكة تسعى جاهدة لاستثمار صداقتها مع الولاياتالمتحدة وتوظيفها في خدمة القضية الفلسطينية ، ففي فبراير 1945 التقى الملك عبد العزيز بالرئيس روزفلت على ظهر البارجة كوينسي في البحيرات المرة أثناء عودة روزفلت من مؤتمر يالطا على إثر انتهاء الحرب العالمية الثانية ، حيث نجح الملك في انتزاع تعهدين من الرئيس الأمريكي أحدهما أن روزفلت ما دام أنه هو رئيس الولاياتالمتحدة فلن يتخذ موقفًا عدائيًا ضد الدول العربية ، والتعهد الثاني أن لا تقوم الولاياتالمتحدة بأي تغيير جوهري في سياستها تجاه فلسطين دون تشاور كامل ومسبق مع العرب واليهود . ويذكر ريتشارد مورفي السفير الأمريكي الأسبق لدى المملكة أن الرياض ظلت تضغط دومًا على واشنطن لكي تبدي مزيدًا من التوازن والتجرد في سعيها لتحقيق السلام في الشرق الأوسط. وقد أدى تدخل جلالة الملك خالد بن عبد العزيز ، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز – يرحمها الله – عندما كان وليًا للعهد ، لدى إدارة الرئيس رونالد ريجان إلى إنهاء الحصار الإسرائيلي على بيروت الذي دام 88 يومًا وتسهيل وتأمين خروج قوات منظمة التحرير الفلسطينية من بيروت بحرًا ، كما اتخذت المملكة موقفًا حازمًا تجاه تجاهل إدارة الرئيس بوش الابن لتردي الأوضاع في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة ، وتغاضي واشنطن عن الخروقات الإسرائيلية ، ووصل ذلك الموقف إلى ذروته بالرسائل التي بعث بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله – وكان وليًا للعهد حينذاك ، إلى الرئيس بوش ورفضه دعواته المتكررة لزيارة الولاياتالمتحدة ما لم يقم بوش بمبادرة تدل على اهتمامه بمعاناة الفلسطينيين.وخلال زيارته لأمريكا عام 2002 ، وكان لايزال وليًا للعهد، قام بدور هام في إنهاء الحصار على رام الله حيث صدرت الأنباء من هيوستن قبيل مغادرته للأراضي الأمريكية أنه قد تم الوصول إلى حل لإنهاء مشكلة حصار الرئيس عرفات وإمكانية تنقله داخل أراضي السلطة.