كشف العقيد دكتور نايف المرواني دكتوراه في علم النفس والباحث في القضايا الامنية والعنف الأسري ان العنف الأسري سلوك موجود في جميع المجتمعات على مر التاريخ وقال ان أفعال العنف الأسري في مختلف المجتمعات تتواجد بصورة يومية بعضها يطفو على السطح ويتحدث عنه أفراد المجتمع وتطالعنا وسائل الإعلام بالعديد من صوره في الزمان والمكان ولكنها نسبة متواضعة لا تمثل الكمية الفعلية لما يحدث إذ يُفضل أعضاء العائلة في الغالبية العظمى من الحالات الاحتفاظ لأنفسهم بما يحدث داخل الأسرة من أفعال عنف. وأضاف العقيد المرواني فى دراسة تحمل عنوان “ العنف الأسري ومظاهره وآليات مواجهته من منظور أمني” .ان بعض الدراسات تشير إلى أن بعض الثقافات لديها اتجاهات إيجابية نحو العنف وهي تشجع العنف في ظروف عديدة. وهذه الثقافات تطالب الذّكَر أن يكون عنيفاً وعدوانياً نحو أي نظرة أو هفوة أو تجاوز يحدث في وقت غير مناسب من قبل الزوجة أو الأبناء ممن يعول، وأن شعور الزوج بالمهانة بسبب ضحكة أو نظرة أو الإدلاء برأي قد يجعله يضرب أو يقتل، وإن هذه الثقافات التي تشجع على العنف تكون أكثر شيوعاً بين الفئات الاجتماعية التي يكون مستواها التعليمي متواضعا أو منعدما نهائياً. واضاف المرواني انه على الرغم من التذبذب المستمر في معدلات العنف الأسري في منطقة المدينةالمنورة إلا أنه يمكن القول بأنها في انخفاض ملحوظ، ولم تصل إلى الأرقام المقلقة، وهذا - من وجهة نظرنا - يعود إلى التدابير الوقائية والعلاجية التي تقوم بها لجنة الحماية الاجتماعية بالمنطقة، ودورها في الحد من وقوع حالات العنف. بلاغات للحماية وأكد ان حالات العنف الأسري المنظورة من قبل لجنة الحماية الاجتماعية بالمدينةالمنورة هي بمثابة بلاغات ترد إلى اللجنة من قبل المعتدى عليهم، حيث أن هذا من أبرز مهام اللجنة وهو (تلقي البلاغات المتعلقة بأنواع الإيذاء والعنف الموجه للأطفال والنساء والفئات المستضعفة ) ويترتب على البلاغ اتخاذ بعض الإجراءات الفورية لمنع الأذى عن المعتدى عليه، وتوفير الأمن والحماية ريثما ينظر في الحالة من قبل الجهات ذات العلاقة. وتخضع الحالات المنظورة لدى لجنة الحماية إلى تصنيف من حيث نوع الإيذاء (نفسي، جسدي، مادي، هروب) اعتماداً على ما يرد على لسان صاحب المشكلة (المعتدى عليه) ووفقاً لما يقرره أعضاء اللجنة والتي يمثلها مندوبون عن الجهات التالية: ( الشؤون الاجتماعية، جمعية الخدمات الاجتماعية، الإمارة، الشرطة، هيئة التحقيق والإدعاء العام، الشؤون الصحية، المحكمة، التربية والتعليم ). وفيما يتعلق بنوع العنف الموجه ضد المعتدى عليهم قال المرواني ان الإحصاءات التي تم رصدها تشير إلى تنوعه بين (العنف الجسدي و الجنسي والمادي وحالات هروب أو تشرد) للحالات التي يتم التعامل معها من قبل لجنة الحماية الاجتماعية. فعلى سبيل المثال في عام ( 1426ه ) تم رصد ( 28 ) حالة منها ( 11 ) حالة عنف نفسي وهي عبارة عن ادعاء الحالة على ابن الزوج بارتكاب جريمة الزنا ومحاولتها الانتحار، واتهام الأسرة بعدم الاعتراف بالحالة، ورفض الزوج استخراج شهادة ميلاد للأبناء، وعدم قدرة الأم على إدخال أبنائها للمدرسة، وخشية الأم على طفلها من زوجها السابق، ورغبة الأم العودة لأبنائها وطليقها، وسوء معاملة الأب للحالة بعد الطلاق وسوء معاملة الزوج، وواحدة من تلك الحالات سجينة وترغب برؤية أبنائها وزوجها. وكشف المرواني ان الفئة العمرية ما بين ( 22 28) سنه هي الأكثر تعرضاً للعنف بواقع (27) حاله، ربما كونها السنوات الأولى من الحياة الزوجية والتي في الغالب تشهد مرحلة من التجربة بين الزوجين نتيجة لعدم فهم بعضهما البعض، وبداية تحملهما المسؤولية الأسرية المتزامنة مع إنجاب الأبناء ومتطلبات التربية والالتزامات المالية، مما يؤخر أو يبطئ حالة التوافق الزواجي بصورته المنشودة، وهذه المرحلة العمرية هي التي أيضاً تنتهي فيها الفتاة من الدراسة الجامعية تمهيدا لدخول الحياة العملية أو البقاء في المنزل نتيجة لعدم وجود عمل أو لأنها مطلقه، مما يزيد من أعباء الأسرة تجاه رعاية بناتهن، وتهيئتهن للزواج، وربما قد لا تجيد بعض الأسر التعامل مع الفتاة في هذه المرحلة ويحدث الصراع - من وجهة نظر رب الأسرة - دفاعاً عن منظومة القيم الاجتماعية، بينما من جهة الفتاة ربما المطالبة بحقوقها الشرعية أو أدناها، وفي الغالب تكون طريقة المعالجة باستخدام أسلوب العنف إما الجسدي أو النفسي أو كليهما، أو العنف المهني، أو التعليمي. كما تؤكد الدراسات بأن أكثر النساء اللاتي تعرضن للعنف هن من الفئة العمرية ما بين ( 21 – 30 ) أي بنسبة ( 33% ) وأرجع أسباب العنف نتيجة المعاناة من الضغوط الأسرية. وعن الفرق بين دور الشرطة ودور لجنة الحماية اوضح ان الشرطة في الغالب تتلقى البلاغ ( بعد حدوث الإيذاء )، ويرد البلاغ إما من شرطة المستشفى أو من المعتدى عليه أو ذويه، وتسعى الشرطة إلى إصلاح ( ذات البين ) في حينه، أو الإحالة إلى الجهات المختصة للنظر في الحالة، وهذا النهج هو المتبع منذ أمد بعيد باعتبار أن الشرطة هيئة ونظام متكامل مع المؤسسات الاجتماعية الأخرى. أما لجنة الحماية الاجتماعية.. فهي تتلقى البلاغ من صاحب المشكلة وأحياناً يكون تدخلها (قبل حدوث الإيذاء ) وفي النهاية فإن دور الشرطة ولجنة الحماية تجاه حالات العنف الأسري مكملان لبعضهما البعض. وعن دور المؤسسات الأمنية في مواجهة العنف الأسري قال المرواني: إن دور المؤسسات الأمنية هو دور وقائي اجتماعي كالوقاية من الانحراف، والحفاظ على سلامة المواطنين، وتقديم الخدمات الاجتماعية لهم. وفي قضايا العنف الأسري يكون الدور الأكبر والفعال لجهاز الشرطة باعتبارها نظاما يتكامل مع المؤسسات الاجتماعية الأخرى: التربية والتعليم، والإعلام، والأسرة، والشؤون الاجتماعية، لذا فإنه ينظر للشرطة بأنها المؤسسة الإنسانية والاجتماعية التي تؤدي أكثر وأوسع الخدمات للمواطنين مبعدة عنها الطابع الرسمي الذي توصم به في الماضي من قبل منتقدي تصرفاتها. مما انعكس على تعزيز دورها في الحياة العامة وزيادة إمكاناتها، انطلاقاً من اعتبارها الجهاز المتعامل مباشرة مع الظاهرة الإجرامية. وقال المرواني يمكن تحديد دور المؤسسات الأمنية في مواجهه مشكلات العنف الأسري من خلال حماية أمن المواطن بمعناه الشامل لأمنه الاجتماعي المتضمن الأمن الغذائي والأسري والصحي والمهني والتربوي، بحيث يمكن للمواطن أن يلجأ للمؤسسات الأمنية كلما كان طرف من أطراف حياته اليومية مهدداً بالخطر من أجل الوصول إلى الحماية التي ينشدها. وقيام المؤسسات الأمنية بتوعية أفراد المجتمع بقضايا العنف الأسري، وتبصيرهم بأسبابها وطرق علاجها من خلال برامج توعوية تقدم للجمهور بصورة دورية. وتعزيز دور الأسرة في عملية التنشئة الاجتماعية، وفي غرس القيم الإسلامية والمعايير الاجتماعية السليمة، فهناك علاقة بين العنف والتفكك الأسري، وهذا يتطلب العمل على تدعيم قيم الروابط الأسرية والإسراع في معالجة مشكلات الأسرة، وذلك بالاستفادة من الدراسات التنبؤية في اكتشاف الأطفال المتوقع انحرافهم لرعايتهم في وقت مبكر للحد من مشكلات العنف الأسري. وأضاف قائلاً ..لا تقتصر مهمة المؤسسات الأمنية على مراقبة السلوك الخارجي، بل عليها أن تبذل أقصى جهد في الأخذ بيد الأفراد والجماعات لتعزيز وتقوية الضمير الجمعي من جهة وترشيد الضمير الفردي في حالات الأقدام على ارتكاب حالات العنف الأسري، والتعريف بمجهودات رجال الأمن في سبيل حفظ الأمن والاستقرار، والخدمات التي يقدمونها على مختلف الأصعدة الأمنية. الشرطة والعنف الأسري وعن آلية تعامل الشرطة مع قضايا العنف الأسري.. أوضح أن الشرطة تتعامل مع قضايا ( العنف الأسري ) منذُ تأسيسها، فالأجهزة الأمنية تباشر قضايا العنف بشكل عام وقضايا العنف الأسري بشكل خاص وتقوم باتخاذ الإجراءات الوقائية والاحترازية لمنع وقوعها عندما ترد معلومات توحي بتعرض أي كان للعنف. وتباشر القضايا التي وقعت بالفعل وتتعامل معها حسبما تقضي به الأنظمة والتعليمات. فرجال الشرطة يعتبرون من رجال الضبط الجنائي الذين يقومون بالبحث عن مرتكبي الجرائم وضبطهم وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام ومن واجباتهم أن يقبلوا البلاغات والشكاوى التي ترد إليهم في جميع الجرائم وأن يقوموا بفحصها وجمع المعلومات عنها وتدوينها في محضر. والانتقال لموقع الحادث للمحافظة عليه وضبط كل ما يتعلق بالجريمة من أشخاص وأدوات. وهذه الإجراءات تتخذ في كل قضية بصفة عامة مما هو داخل في اختصاص الأمن العام وهذا يتوافق مع ما جاء بنظام الأمن العام من أن رجال الأمن العام هم المسؤولون مباشرة عن استتباب الأمن في البلاد كل في دائرة اختصاصه. ---- الأقارب والخدم والمدرسة مصادر معلومات العنف أوضح المرواني أن هناك مصادر يتم من خلالها استقاء المعلومات عن العنف الأسرى أبرزها: الأقارب، المصادر السرية للشرطة، الخدم والسائقون، الجيران ، المدرسة، عمدة الحي، إدارة الحماية الاجتماعية ، غرف العمليات الأمنية، المستشفيات والمراكز العامة والخاصة. --- تدابير وإجراءات يتم اتخاذها في قضايا العنف الأسري ** البلاغ أو المعلومة والتحقق من صحتها. ** الإشعار عن الحالة سواء المرجع أو هيئة التحقيق والإدعاء العام. ** المصابون إن لم يكن تم إسعافهم وسماع أقوالهم وإثبات حالتهم. ** طلب الكشف عليهم وإعطاؤهم العلاج اللازم وإصدار التقارير الطبية عن حالتهم وما لحق بهم من إصابات وأذى. ** الحضور إلى موقع الحادث برفقة المختصين من الخبراء والمحافظة على مسرح الحادث ومحتوياته عند ما يتطلب الأمر ذلك. ** القبض على الجاني الحاضر المتلبس بالجريمة وملاحقة الجاني الهارب بالبحث والتعميم. ** سماع شهادة الشهود وإثباتها في المحاضر. ** تدوين إفادة الجاني المقبوض عليه. ** الرفع بتقرير أولي عن الحالة كوقوعات. ** التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتأمين مأوى للضحية عندما يتطلب الأمر ذلك. ** إحالة القضية إلى فرع هيئة التحقيق والادعاء العام. ** متابعة التقارير بأنواعها وبعث ما يرد منها إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام. ** تنسيق مراكز الشرطة مع إدارة الحماية الاجتماعية وكذلك مع الجمعيات الخيرية. ** تنسيق مراكز الشرطة مع لجنة الحماية الاجتماعية ممثلة في مندوب الشرطة في تلك اللجنة. --- المعوقات التي تواجه الشرطة في التعامل مع قضايا العنف الأسري عدم وجود كوادر مدربة لدى الشرطة للتعامل مع حالات العنف الأسري. عدم وجود دور لإيواء الحالات التي تتعرض للعنف الأسري. منع دخول رجال الأمن للمنازل عند تلقي بلاغ من المغتصب، نتيجة إنكار ولي الأمر بوجود حالة عنف. عدم وجود دورات وبرامج تدريبية لمنسوبي الشرطة ذات صلة بموضوع العنف الأسري. عدم وجود لجان للحماية الاجتماعية في المحافظات واقتصارها على المدن الرئيسية. صعوبة توفير محرم للحالة المعنفة يعين المحقق على الاستجواب. --- آلية عمل مراكز الشرطة تتمحور آلية عمل مراكز الشرطة فى قضايا العنف الأسري في اتخاذ إجراءات جمع الاستدلال وضبط القضية وأطرافها ومن ثم إحالة القضية إلى فرع هيئة التحقيق والإدعاء العام في المناطق التي لم تباشر فيها الهيئة أعمالها فمراكز الشرط تباشر القضايا بجميع مراحلها من جمع الاستدلال والتحقيقات والادعاء العام أمام المحاكم المختصة. ويطبق على قضايا العنف ( والعنف الاسري) بشكل خاص والذي غالباً ما يقع على بعض الفئات من المجتمع كالأطفال والنساء وبعض المستضعفين من كبار السن والمعاقين والخدم.