تستمرئ السلطة الإسرائيلية الصهيونية التنكيل بالفلسطينيين بعد أن ضربت المثل في القسوة والتعسف والصلف في حق الأعراف الدولية بانتهاكها الأخير في حق (قافلة الحرية).. والغريب في الأمر أن الكذبة التي كذبتها صدقها حليفها الكبير (أمريكا) وحلفاؤها في الغرب أنها دولة تعلم الشرق الأوسط منهج الديمقراطية..وهي أسوأ مثال لها..ولعل حادثة سيدة الصحافة في البيت الأبيض السيدة (هيلين توماس) ذات الأصول اللبنانية خير شاهد على ذلك..إذ لم يشفع لها تاريخها الإعلامي العريق في بلد يتشدق بأنه المصدّر للديمقراطية..فقد دفعت ثمن صراحتها وقولها الحق في ختام حياتها وخدمتها الإعلامية العريقة..لأنها تجرأت على ربيبة أمريكا والغرب بالقول...إن حل القضية الفلسطينية (أن يعود كل إلى بيته) إشارة إلى إسرائيل ودعوة جريئة إليها للعودة من حيث أتت.! وقول السيدة هيلين في نظر الغرب الذي يدعي الديمقراطية فيه تجاوز على الصهاينة الذين يلوحون بعصاهم!!..أما لو كانت الأقوال بل الأفعال والاعتداءات الوحشية والممارسات القمعية على العرب والمسلمين فإن الغرب حينها سوف يساند ربيبته ويستعرض نظريات الديمقراطية ومعاييرها وسوف يبرر مواقف المعتدي وتصريحاته بل إنه لم يستطع أن يقرر شيئاً في مجلس الأمن يحاسب فيه إسرائيل على فعلتها النكراء مع قافلة الحرية واكتفى بالرضوخ إلى ما تفتقت به أذهان الصهاينة – كالمعتاد – بتشكيل لجنة داخلية للتحقيق ومنع تدخل أى لجان تحقيق دولية وكم حدث هذا وسوف يحدث دون حساب أو عقاب في حين تطبق كل العقوبات وتصدر التهديدات إذا كان المعني هو دولة عربية أو مسلمة!! وعود على بدء فإن تاريخ هيلين توماس العريق Helen Thomas التي ولدت 4/ أغسطس/1920م لم يشفع لها فعاقبتها دولة الديمقراطية (أمريكا) على ديمقراطيتها... لقد خذلوا هيلين الصحفية والمراسلة الإخبارية وكاتبة العمود المشهور في صحف (هيرست) وعضو فريق البيت الأبيض للصحافة والتي بدأت عملها كمراسلة ثم رئيسة قسم البيت الأبيض في وكالة يونايتد برس(upl) ولطالما قامت بالتغطية الصحفية الاحترافية لعدد من رؤساء أمريكا ابتداء من جون اوف كندي وكانت أول امرأة تلتحق كعضو في نادي الصحافة القومي، وأول امرأة عضو ورئيس لجمعية مراسلي البيت الأبيض (WHCA) وأول امرأة عضو في نادي الصحفيين في واشنطن دي سي لم يشفع لها كل ذلك التاريخ فقد خدعتها شعارات الديمقراطية حتى أن آخر كتبها كان بعنوان (كلاب حراسة الديمقراطية)، (Watch dogs of Democracy ) الذي انتقدت فيه دور وسائل الإعلام الأمريكية في فترة رئاسة جورج بوش.. ولعل الفرصة قد سنحت لمعاقبتها كيف لا وهي تتجرأ على (إسرائيل الصهيونية) وهي تدفع ثمن انتقاداتها العنيفة لسياسة الرئيس السابق بوش على مواقفه ضد من يختلف معه في الرأي... لقد قدمت هيلين استقالتها في يوم 8 يونيو 2010 على إثر إدلائها بتصريحها الذي قالت فيه (هؤلاء الإسرائيليون) محتلون وهذه ليست ألمانيا أو بولندا خير لهم أن يخرجوا من فلسطين)..وقد اعتبر المتحدث باسم البيت الأبيض (روبرت غيبس) تصريحاتها عدائية وغير مسؤولة وتستدعي التوبيخ وطالبها بالاعتذار فاعتذرت لكنها تقدمت - مكرهة - باستقالتها بعد خدمة امتدت لستة عقود إنها قمة اللاديمقراطية في البلد الذي يصدر الديمقراطية فأين موقف العرب والمسلمين مما حدث؟! أليس جديراً بنا تكريم هذه الصحفية بكل وسائل إعلامنا على الأقل؟!...ليتنا نفعل ذلك.. دوحة الشعر: يا سيدي هذا التناقض في دمي فاقبل جنون تغيّري وتبّرمي