وهذه ظاهرة سلوكية مدمرة تظهر علانية في المدارس بصورة خاصة، ولا يُستبعد حدوثها حتى على مستوى البالغين في المنزل. والواقع أن للمنزل (خاصة في العالم الثالث) دوراً رئيسياً في نقل السلوك إلى المدرسة، فالمتسلط على أخ أصغر أو على أخت لأنها الأضعف دون أن يواجهه أحد الوالدين، سيحاول حتماً فعل الشيء نفسه مع أقران يراهم مناسبين للعب دور الضحية المتقبلة أو المستسلمة لهذا السلوك البغيض. وتشير كثير من الدراسات في الغرب أن أكثر من نصف طلبة المدارس يتعرضون لهذا السلوك المؤذي بنسب متفاوتة. وفي العمل، تقول الدراسات أن حوالى 30% من الموظفين في الولاياتالمتحدة يواجهون شيئاً من التسلط من قبل رؤسائهم أو زملائهم في العمل من خلال نشر الإشاعات المهينة أو التحرش اللفظي أو حبس معلومات مهمة لإنجاز العمل حتى تبدو الضحية مقصرة في عملها. وفي هذه الحالة ينصح الخبراء الضحية بمقاومة هذا العدوان بالرد بطريقة طبيعية وبصورة محددة وثابتة. ومن أشهر الضحايا لهذا السلوك المدمر، تلك الحادثة التي وقعت في الولاياتالمتحدة بداية هذا العام لطالبة عمرها 15 عاماً عانت من الأذى اللفظي الجارح المصحوب بعبارات قبيحة مباشرة وعبر الرسائل النصية، والإهانة بصوت عالٍ في قاعات المدرسة. وفي 14 يناير الماضي تعرضت الفتاة نفسها إلى سخرية شديدة من بعض زملائها أثناء وجودها في مكتبة المدرسة، كما تعرضت لضربة من علبة مشروبات غازية ألقيت من سيارة عابرة. وفي اليوم نفسه أقدمت الفتاة فوبي على شنق نفسها في منزلها. هذه الحادثة وإن تجاوزت حدود رد الفعل الطبيعي، إلا أنها تصور مدى حجم الأذى النفسي الذي تتعرض إليه ضحية التسلط والاستئساد. وفي المقابل تقول الدراسات أيضاً أن المتسلط نفسه عرضة لعوامل الإحباط، فهؤلاء غالباً ضحايا لسلوكهم المشين، فهم مثلاً أكثر عرضة للإخفاق وحتى للجوء للانتحار أحياناً. بقي أن نعترف إن على المجتمع الراشد عدم السكوت على هذا السلوك المدمر، ويجب محاربته في المنزل أولاً ثم المدرسة ومحيط العمل، وكل بيئة ينمو فيها، فهو استبداد مرفوض وتسلط مقبوح.