قال الضمير المتكلّم: (هي) فتاة سعودية كانت تبلغ ال ( 23 ) من عمرها، كانت تعاني من آلام مكتومة، عبّرت عنها بصرخات غير مسموعة، (هي) تطالب بحقها المشروع !! لا، لا أبداً ( هي ) لا تبحث عن مقعد في الجامعة، أو وظيفة أو أرض، ولا حتى قَرْض !! ولم تطالب بالمساواة بين المرأة والرجل في الإفادة من معاش التقاعد!! ( هي ) لم تَصرخ راغبة بقيادة المرأة للسيارة، - أقسم لكم - تلك الفتاة كانت تنادي وتستغيث بحثاً عن مسَاحة مِن ( قَبْر)، نعم كانت مطالبها قبْراً صغيراً في ( بَقِيع الغَرْقَد ) في المدينةالمنورة !! تلك الفتاة المسكينة ماتت قبل أيام في حادث سَيرٍ على الطريق بين المدينةالمنورة ومحافظة بدر، ووصل جثمانها إلى المدينة عند الساعة الثانية والنصف ليلاً؛ لِتَتم الصلاة عليها بعد الفجر في الحرم النبوي، وهنا وفي ظل معاناة الأسرة وبكائها رغم إيمانها؛ كانت المفاجأة أن رفضت إدارة التجهيز قبولها؛ بحجة أنها ليست من سكان المدينة، والحادث وقع في محافظة بَدر( إحدى محافظات المدينة )، أصرّت الإدارة على موقفها !! فتقدم والدها وهو يقاوم أحزانه، ويغالب دموعه، ويسحب قدميه بطلب استغاثة للجهة المسؤولة للموافقة على دفنها بالبقيع، وبعد المرور على عدة مكاتب خلال بضع ساعات؛ وبعد الظهر كانت النتيجة المحزنة: حرمانها من بضعة أمتار في البقيع؛ حيث دفنت هناك خارج المدينة في مقبرة المساكين ( مقبرة أحد ) !! فلماذا تُحرم تلك البريئة من فَضْل البقيع مع أنها ماتت بالقرب منه؟! هل لأنها من أسرة فقيرة ولا تمتلك الواسطة ؟! وهل كل مَن دُفِن ويدفن فيه من أهل المدينة ؟!. أخيرا.. هل نعتبر حكاية تلك الفتاة – رحمها الله - إرهاصا ليصبح ( بقيع الغرقد ) ميزة أخرى للأغنياء وأهل الجاه؛ يُحرَم منها البؤساء؛ ليكونوا مساكين حتى في قبورهم !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة. فاكس: 048427595 [email protected]