تصادف هذه الأيام ذكرى مرور 62 عامًا على النكبة ، تلك الذكرى التي تستعصي على الذاكرة ولا تقبل النسيان لأنها تحمل في طياتها مأساة بلد عربي استبيحت أرضه ومقدساته وتراثه ، وشعب انتهكت حقوقه الأساسية والإنسانية تحت مسمع ومرأى العالم كله. أحداث نكبة فلسطين وما تلاها من تهجير حتى احتلال ما تبقى من أراضيها عام 1967 عبرت عن مأساة كبرى للشعب الفلسطيني، وتشريد نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، فضلاً عن تهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم رغم بقائهم داخل نطاق الأراضي التي أخضعت لسيطرة إسرائيل، وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 وذلك في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية، وتشير البيانات الموثقة أن الإسرائيليين سيطروا خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة، حيث قاموا بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، كما اقترفت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة. النكبة بهذا التوصيف هي قصة شعب كتب عليه أن يقاتل أعتى جيوش العالم المزود بأحدث أسلحة الفتك والدمار بصدور أبنائه العارية وسواعد أطفاله الغضة التي اتخذت من الحجارة والمقلاع والإرادة والإيمان والأمل سلاحًا في هذه المواجهة الطويلة التي لم يضن فيها هذا الشعب عن دفع ضريبة الدم بسخاء إن لم يكن من أجل تحرير المغتصبات في ظل الدعم الأمريكي غير المحدود لإسرائيل ، وفي ظل غياب الضمير العالمي ، فإنه من أجل أن تظل تلك القضية حية في ذاكرة الأجيال حتى تتجمع لهذه الأمة عوامل القوى ومقومات النصر على قوى البغي والعدوان. ما يبعث على التفاؤل بعد كل ما ألم بالشعب الفلسطيني من مآسٍ ومذابح وأهوال أن عدد الفلسطينيين تضاعف 8 مرات بعد 62 عامًا على النكبة ، وأن عددهم على كامل أرض فلسطين التاريخية سيتساوى مع عدد اليهود فيها عام 2015، ليبدأ الفلسطينيون بعد ذلك تفوقهم الديمغرافي وهو ما سيمكنهم من تحقيق مشروع الدولة الواحدة بعد أن رفضت حكومة نتنياهو الغبية خيار الدولتين.