مدينة العلم والأدب والفكر والثقافة احتفت الأسبوع المنصرم بنخبة من مفكريها وأدبائها، في ليلة تزيّنت وتعطّرت بأريج الثقافة في النادي الأدبي بالمدينةالمنورة، مدينة النور وإشعاع الحضارة الإنسانية. في مسيرة عامرة بالعطاء، وحافلة بالإنجازات في مجال معيّن من مجالات الحياة، يسعد المرء بأن يُحتفى به، ويلقى عناية كريمة، وتكريمًا من قِبل ولاة الأمر، ورعاة الثقافة والفكر، هذا ما عايشه المكرّمون في ليلة تاريخية في النادي الأدبي بالمدينةالمنورة، رعاية كريمة، ولفتة حضارية وإنسانية من قِبل سمو أمير المنطقة الأمير عبدالعزيز بن ماجد، الذي يستشعر أهل المدينة دومًا حبّه ومشاركته لهم في كل محفل، وكل مناسبة خاصة وعامة، الأمير الإنسان صاحب الشخصية المؤثّرة والمتفاعلة مع الأحداث، فرعايته للفكر والثقافة والأدب لها مدلول كبير جدًا على كل فرد من أبناء المدينة، وحرصه على تسليم الدروع التذكارية والهدايا للمكرمين يمثل دلالة قوية على تقديره واهتمامه البالغ بالرموز الأدبية في بلادنا، فأنعم وأكرم به من أمير. كما حظي المكرمون برعاية معالي وزير الثقافة والإعلام، الذي ألقى كلمة ضافية عن تاريخ الأدب والأدباء في المدينة، وكان لكلمته الأثر الكبير على نفوس وأذهان المتلقين لهذه الكلمة في حفل الافتتاح. النادي الأدبي بالمدينةالمنورة معلم حضاري وثقافي، يُشار له بالبنان، وها هو اليوم يقوم بتكريم عددٍ من المثقفين والأدباء في بادرة حضارية متميّزة تليق بمدينة العلم والمعرفة الرائدة في الحضارة الفكرية والإنسانية، وفي مقدمة المكرمين الأستاذ الدكتور عاصم حمدان أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك عبدالعزيز والباحث المعروف في أدب وتاريخ المدينة، كما تم تكريم مدرسة العلوم الشرعية بحكم ريادتها للحركة العلمية في البلدة الطاهرة على مدى ثمانين عامًا، حيث كُرّم المرحوم السيد حبيب محمود أحمد بحكم إدارته للمدرسة وتولّي شؤونها بعد وفاة مؤسسها الأول السيد أحمد الفيض أبادي رحمه الله، كما كُرّم المؤرخ أحمد بن سلم، والدكتور نايف الدعيس الذي أنشأ صالونًا أدبيًّا في منزله منذ منتصف التسعينيات. وفي وقتنا الحاضر يشهد النادي الأدبي بالمدينة توأمة مع منتدى الهاشمية؛ ليزداد التألق الفكري والثقافي في المجتمع المدني، وفي هذه المناسبة استضاف منتدى الهاشمية ضيوف النادي الأدبي، ووزّعت الكتب التي أخرجتها مكتبة آل هاشم العريقة بالمدينة، وتم التطرّق في تلك الأمسية الأدبية الى الحديث عن دور المكتبات في المدينة، مثل مكتبة آل حكمت، والتي تضم خمسة آلاف مخطوطة، والتي أوقفها صاحبها على أهل المدينة منذ القرن الثالث عشر الهجري، والمكتبة المحمودية، والمكتبة العامة التي كان للشيخ جعفر إبراهيم فقيه دور في جمع مخطوطاتها من المدارس القديمة بالمدينة، ومكتبة آل مظهر الفاروقي الغنية بالمخطوطات العلمية والأدبية في التراث العربي والإسلامي، والتي كانت قائمة في حارة الأغوات بالقرب من المسجد النبوي الشريف. المجتمع المدني المثقف صاحب يد طولى دائمًا في رعاية الفكر والثقافة، والإسهام في بناء العقول، ورعاية المفكرين والأدباء، وهذه المناسبات تدل على دور النادي الأدبي بالمدينة بإدارته الحالية التي تسعى جاهدة لإيجاد حِراك ثقافي وفكري يليق ويتناسب مع منزلة المدينة الفكرية والروحية والاجتماعية، وهو أمر يُشكر عليه النادي، والقائمون عليه، ويُعتبر كل هذا الحِراك خطوة متقدمة في درب الثقافة التي تدعو للوسطية والتسامح والاعتدال في كافة شؤون الحياة.