من الصحابة.. رفيدة السلمية رضي الله عنها    هطول أمطار رعدية غزيرة وجريان السيول في عدة مناطق بالمملكة اليوم    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية..الجزائر    رابطةُ العالم الإسلامي تُثمِّن لمجلس الوزراء شُكرَهُ لعلماء مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية"    سوريا.. توقيف متورطين بانتهاكات "الساحل"    اتفاق على هدنة في أوكرانيا لمدة 30 يوماً    بتوجيه من سمو ولي العهد.. المملكة تستضيف محادثات أمريكية- أوكرانية في جدة    بعد تغلبهما على الريان وباختاكور.. الأهلي والهلال إلى ربع نهائي النخبة الآسيوية    أشادتا في بيان مشترك بمتانة الروابط وأهمية تنمية التبادل التجاري.. السعودية وأوكرانيا تستعرضان جهود تحقيق السلام الشامل    في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. صراع مدريد يتجدد.. وأرسنال في مهمة سهلة    دلالات عظيمة ليوم العلم    نظام الفصول الدراسية الثلاثة.. الإيجابيات والسلبيات على المجتمع والاقتصاد    رحّب بالمحادثات بين واشنطن وكييف.. مجلس الوزراء: السعودية حريصة على دعم جهود حل الأزمة في أوكرانيا    «الداخلية» تزين «طريق مكة» بالجائزة المرموقة    هل يوجد تلازم بين الأدب والفقر؟    1.6 مليون مقعد في قطار الحرمين لنقل المعتمرين    أساليب الوقاية ضد الجرائم الإلكترونية    التقى رؤساء أكاديميات القطاع.. الخريّف: الكفاءات الوطنية ركيزة الصناعة والتعدين    وزير الإعلام يُكرّم الفريق المنفذ لأول عملية زراعة قلب باستخدام الروبوت في العالم    رمز الشموخ والعزة    6 إستراتيجيات أمريكية ضد عصابات المخدرات في المكسيك    الأولمبية والبارالمبية السعودية تعتمد تشكيل مجالس إدارة 24 اتحاداً ولجنة ومركز التحكيم الرياضي    إطلاق برنامج "الشيك مع بوعبدالله" بجوائز قيّمة في رمضان    أمير القصيم يزور دار الرعاية الاجتماعية للمسنين في عنيزة    وزير الدفاع يستقبل وزير الدفاع التركي    العلم السعودي.. حكاية تاريخية ودلالة وطنية    وكيل محافظة الطائف يشارك أبناء جمعية اليقظة الخيرية الإفطار الرمضاني    مؤسسة الأميرة العنود تنظم ندوة "الأمير محمد بن فهد – المآثر والإرث" برعاية و حضور الأمير تركي بن محمد بن فهد    إفطار جماعي ومد لجسور التواصل    السلمي والدباغ يزوران غرفة عمليات أجاويد ٣ بخميس مشيط    في يوم العلم السعودي طرق وميادين الطائف تتوشّح باللون الأخضر    بلدية محافظة الشماسية تحتفي بيوم العلم السعودي    جامعة أم القرى تنظم مأدبة إفطار رمضانية للطلاب الدوليين بالتزامن مع يوم العلم    شارع الأعشى والسير على خطى محفوظ    الهلال يتخطى عقبة باختاكور في دوري أبطال آسيا للنخبة    محرز يسجل ثنائية في فوز الأهلي على الريان    %338 نموا بمشتركي الصناديق الاستثمارية    بناء الجسور بين المذاهب من الحوار إلى التطبيق    أبوالغيط يثُمن دور المملكة في استضافة المحادثات الأمريكية الأوكرانية    الفعاليات الرمضانية تشعل التنافس بين حواري بيش    2100 طالب في خدمة المحسن الصغير    «كفو».. خارطة طريق لتسويق الأفلام الدرامية    انطلاق المنتدى الثقافي بأدبي حائل    صِدّ عنه وكأنك ماشفته!!    7 أهداف تدخل العميد دوامة العثرات    مدير عام حرس الحدود يتفقد القطاعات والوحدات البرية والبحرية بمنطقة جازان    وجبات للإفطار بمسجد القبلتين بإشراف هيئة تطوير    النواخذة لقلب الطاولة أمام دهوك    شوارع وميادين مناطق المملكة تتزين بالأعلام احتفاء بيوم العلم    ترحيب خليجي باتفاق الاندماج    «صم بصحة» واحصل على جودة حياة    زيلينسكي يطلب من واشنطن إقناع روسيا بهدنة ال 30 يوما    العلم السعودي .. راية التوحيد.. رمز العز والفخر    أمير تبوك يستقبل رئيس مجلس بلدية معان بالمملكة الأردنية الهاشمية    قطاع ومستشفى سراة عبيدة يُفعّل حملة "صُم بصحة" وحملة "جود"    "الحواسي" يستعرض مع قيادات تجمع القصيم الصحي فرص التحسين والتطوير    فخامة رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    المكملات الغذائية تصطدم بالمخاطر الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حظر تجول بأمر عادل إمام
نشر في المدينة يوم 29 - 04 - 2010


في ينايرعام 1977 قررت الحكومة المصرية رفع أسعار بعض السلع الغذائية ومن بينها الخبز، فخرج المصريون في تظاهرة غضب كبيرة على مدى يومين امتدت من القاهرة حتى اسوان (جنوب مصر) حيث كان الرئيس الراحل أنور السادات يقضي إجازته الشتوية،ورداً على التظاهرات قررت السلطات فرض حظر التجول لأول مرة منذ عام 1952، لكن أحداً ما كان ليلتزم بحظر التجول الذي تحفظت بعض قيادات الشرطة والجيش على استخدام القوة ضد من ينتهكونه، لولا تدخل الراحل عبد المنعم الصاوي وزير الإعلام المصري آنذاك، الذي قرر بث مسرحية مدرسة المشاغبين تليفزيونيا ليتسمر المصريون أمام الشاشات لمتابعة نجومهم المفضلين عادل إمام وسعيد صالح ويونس شلبي وأحمد زكي وسهير البابلي، على مدى ثلاث ساعات، كانت الحكومة المصرية تدرس خلالها سبل التراجع عن قراراتها برفع الأسعار، فيما كان الرئيس السادات الذي وصف الأحداث بأنها “ انتفاضة حرامية” يقيل وزير داخليته اللواء سيد فهمى الذي رفض استخدام القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين. وفيما يبدو فقد كانت نتائج استخدام عادل إمام ورفاقه كأداة لتفعيل قرار حظر التجول وحمل المصريين الغاضبين على عدم مغادرة منازلهم، مشجعة الى الحد الذي أتاح ظهور تعبير السلطة الرابعة لأول مرة على لسان الرئيس أنور السادات ذاته، الذي يبدو وكأنه أعاد اكتشاف إمكانية استخدام الإعلام في إدارة معاركه والتأثير الحاسم- أحياناً- على نتائجها. إعادة اكتشاف الإعلام كأداة ترويض أو تحريض، دشنت عصرا جديدا واصل الإعلام فيه لعب دور تجاوز حدود الترويض والتحريض الى صناعة الحدث، فلم يكتف بعض الإعلاميين بتحقيق سبق تغطية حدث ما، لكنهم راحوا يستبقون الحدث بالتأثير في اتجاهاته أو حتى بصناعته هو ذاته، ثم تغطيته اثناء ذلك. والتر كرونكايت مذيع قناة أيه بي سي الأمريكية الشهير ، وزميلته الأمريكية بربارة والترز التي اشتهرت في السبيعنيات بأنها مذيعة المليون دولار، (حين كان المليون رقما يصعب إدراكه) ساهما معا في صناعة واحد من أهم أحداث القرن العشرين في منطقتنا، فبعد إعلان السادات عن استعداده للذهاب الى آخر العالم من أجل السلام بل والذهاب الى الكنيست ذاته، سارع كرونكايت الى طلب اجابة السادات عن السؤال : لو تلقيت دعوة من بيجين رئيس الحكومة الاسرائيلية لزيارة القدس هل تقبلها ؟! أجاب السادات على الفور ..نعم.. بعدها توجهت بربارة والترز بسؤال الى مناحيم بيجين: ..وهل أنت على استعداد لدعوة الرئيس السادات لزيارة القدس فأجابها :بالتأكيد..الى هنا صنع كرونكايت وبربارة والترز نصف الحدث ثم راحا معا من على متن طائرة الرئاسة المصرية يكملان متابعة النصف الآخر. أمريكا هى المدرسة التي يتعلم منها العالم فنون التلفزة، وقد فعل كرونكايت و والترز قبل عصر الفضائيات مالا تستطيع فضائياتنا العربية مجتمعة أن تفعله الآن، رغم التطور الهائل فيما تحت ايديها من تقنيات اتصال متطورة ، فهى تكتفي أحيانا بدور “البزازة” المهدئة كما فعلت مدرسة المشاغبين لتهدئة الشعب الغاضب من ارتفاع الأسعار، وفي أحيان أخرى تفضل دور الفتى الشرير فتفتش عن اثارة الجدل بغض النظر عن موضوعه أو فحواه أو جدواه، فتتبع السقطات والزلات والهنات، وتجعل من خناقات النجوم مادتها اليومية دون اهتمام كبير لا بالتنوير ولا بالتغيير ولا بالتعليم. الإمكانات التقنية الهائلة التي أتاحتها ثورة وسائل الاتصال ضاعفت قدرة الإعلام على التأثير والتغيير والتنوير، بل مضت به في بعض الأحيان الى مناطق التسلط والاستبداد بالعقول والقلوب معاً، لكن التعامل مع الإعلام باعتباره سلطة رابعة كما وصفه الرئيس السادات، يقتضي ما هو أبعد من ذلك بكثير، فالسلطات الثلاث الأخرى التنفيذية والتشريعية والقضائية، لدى كل منها قواعد واصول بعضها صاغته الدساتير وبعضها الآخر أرسته التقاليد، وصانه الرأى العام. أما سلطة الإعلام فما تزال حتى اليوم - وخاصة في الدول الأقل تطوراً- بلا دستور حقيقي ملزم، لا لصناع الإعلام ولا لمتلقيه ولا للمتعاملين معه أو المتضررين منه. فالموضوع مازال في دائرة الاجتهادات التي لا يمكن اعفاؤها من تأثيرات السياسة. حتى يكون الإعلام سلطة رابعة بحق، لابد من وجود متلق نشط تستهدفه الرسالة الإعلامية ويتفاعل معها، هذا المتلقي النشط ليس فرداً ولا مؤسسة، ولا سلطة، إنه فوق كل هؤلاء إسمه في بطاقة الهوية : الرأي العام.. فهل لدينا ما يمكن وصفه بالرأي العام؟!.. نعم لدينا ولكن أي رأي؟ وأي عام؟! وجود الرأي العام رهن بأن تكون المعلومة الدقيقة عند أطراف أصابعه، ووجود المعلومة الدقيقة رهن بحرية تدفق المعلومات، وتلك الأخيرة رهن بإيمان النظام السياسي أو تسليمه بحق المواطن في المعرفة، فلا يجوز خلط الحقائق أوطمس بعضها أو تغييره، والتسليم بحق المعرفة يقتضي الإقرار بحق البوح للمواطن وواجب الانصات من المسؤول، وكلها معادلة لا تستقيم عناصرها بالنوايا الحسنة وحدها ولا بمقدار تفهم المسؤول وتقديره الشخصي، وإنما تستقيم بالاستمرارية التي تقتضي بدورها عملاً مؤسساتياً، يضمن تواصل المنهج مهما تبدل الاشخاص القائمون عليه. هل إعلامنا بهذا المعنى السابق مؤهل لأن يكون سلطة رابعة بحق؟!.. لا أظن ذلك، ولا أستطيع تحميل الاعلام مسؤولية عجزه عن الاضطلاع بتلك المسؤولية الثقيلة، لأنه ببساطة جزء لا يتجزأ من بيئته التي لم تستوعب بعد قيم البوح وحق المعرفة وحرية تداول المعلومات .. ولهذا والى أن تستوعب البيئة كل هذا، لا مناص من احتمال مراهقات الإعلام والتجاوز عن بعض نزواته.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.