** الذين عرفوا الأخ الأكرم الاستاذ عبدالمقصود خوجة عن قرب يعلمون مقدار النزعة الإنسانية التي تستبطن ذاته فهو يَألف ويؤْلَف، ويُقَدِّر ويُقَدَّر، لا يسمع عن مثقف وأديب في جميع أرجاء الوطن مسّه مكروب أو نزلت به ضائقة - وكم هي نوائب الدهر ونوازله - إلا وكان سباقا للسؤال عارضاً لصنع المعروف، وإنني أتذكر في هذا السياق كيف أنه لما قرأ كلمة كتبتها عندما مرضت إبنتي فلقد اتصل بي ليخبرني بأنه كان مسافرا وقرأ تلك الكلمة التي سكبت فيها عاطفة الأبوة الصادقة وأنه بكى مع كل حرف قرأه وأنه يعرض مساعدته لعلاجها، فشكرت له صنيعه الإنساني مخبراً إياه بأن معالي الصديق والأب الروحي السيد أحمد زكي يماني قد تكفل -جزاه الله خيراً- بعلاجها خارج الوطن، وظل عزيزنا عبدالمقصود يُتابعني كبقية الأحباب الخلص عن حالها حتى منَّ الله عليها بالشفاء، وأزعم أنني عرفت هذا الإنسان على مدى ربع قرن من الزمن وكلما اقتربت منه تيقنت كم نحن معشر الأدباء محظوظون بوجود رجل بيننا يسعى للمعروف أنّى وجده، ويبذل غاية الجهد في أن تكون الكلمة الطيبة منشورة بين الناس ذائعة في أوساطهم –على رغم ما يلاقيه من العنت ولكنه يواجه ذلك كله بسعة صدر وبمزيد من الحب الذي يذلل النفوس ويجعلها أقرب إلى رؤية الخير. * يفقد (عبدالمقصود) فلذة كبده (إباء) ونعلم جميعاً –كم هو من الصعب علينا أن نواري من نحب الثرى ولكن ذلك قضاء الله وقدره وحكمته التي تعالت وسمت ولنا في سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة فلقد حمل (إبراهيم) إلى بقيع المدينة ووقف وهو الرسول المعلم والأب على قبره ليقول: (إن العين لتدمع وأن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون). اللهم أجعل (إباء) في المنزل الذي ارتضيته للصالحين من عبادك وألهم والديه وأهله الصبر الجميل.