بالرغم من تباين آراء علماء النفس ليس ابتداء بفرويد وليس انتهاء ببياجيه يكاد يتفق الجميع على تحديد ماهية ملامح المراهقة وفقا لقواعد بسيطة الفهم انطلقت منها شتى أنواع دراسات وأبحاث سيكلوجيا النفس البشرية.. وفي مقاربة فكرية أرجو من القارئ أن يغفر لي بعض شطحاتها حاولت من خلالها أن أوفق إلى تفكيك أزمة بعض المثقفين من قرّاء وكتاّب تحت عنوان إشكالية المراهقة الثقافية، فهل تسمحون أن ابدأ؟. إن أزمة المراهقة النفسية معروفه لدينا جميعا فهي ناتجة على نحو مفصلي بسبب بيولوجية جسمانية سريعة لا يرافقها نمو فكري بنفس وتيرة التسارع، فيجد المراهق العادي نفسه مجبرا على التكيف مع المتغيرات البدنية بالرغم من أن الأفكار والسلوك لا يزالان يحملان آثار الطفولة.. تماما كما يحصل عند بعض المراهقين المثقفين الذين وجدوا أنفسهم وعلى حين غفلة أمام نمو حضاري هائل يكاد يطال كل مفاصل الحياة فيما تجمدت أفكارهم عند مستويات حرارية ضاربة في التدني وأمام هذه المعطيات الجديدة لا مفر حينها من مجاراة عربة سريعة اسمها الحضارة بأفكار عرجاء تسير على قدم واحدة.. وكما هو معروف فإن الأزمة الرئيسية التي تميز المراهقة النفسية هي أزمة البحث عن هوية وعن إثبات وجود الذات، فالمراهق لا يتورع عن ارتكاب ما لا يظنها حماقات كتبني بعض التقليعات الغريبة أو التصدي للآخرين بطرق مختلفة لا لشيء غير إشباع جوعه الوجودي.. وهذا سلوك معروف أيضا عند بعض المثقفين فقد لا يتورع كاتب عن تبنى نهج أدبي شاذ ولو كان ضد قناعاته ما دامت النتيجة إثارة إشكالية تقترن باسمه، كما لا يمل قارئ من استخدام اسلوب نقد تحطيمي غير هادف من اجل تسليط الضوء عليه شخصيا.. المراهقة ليست بالضرورة أزمة عاصفة إلا إذا أرادت لها الأسرة ذلك حيث يفترض دائما الأخذ بالاعتبار محاسبة المراهق على أساس وعيه الذهني لا تركيبه الجسمي.. كذلك إشكالية المراهقة الثقافية بسيطة جدا، فعندما يتطور وعي أسرة المجتمع لتمكنهم من تعرية الحقائق عن بعضها وقتها ستحاكم الذائقة النقدية عند القارئ على أساس وعيه الذهني لا على أساس إحساسه بأزمة إثبات الوجود، وسيقيّم الكاتب الذي تجمدت أفكاره على أساس مراهقته الثقافية وليس على أساس أنه مفكر كبير.. وقبل أن نختم.. هل مناّ من هو مراهق ثقافي؟؟ عشمي بنا كبير..