كشف الدكتور خضران الزهراني وكيل عمادة البحث العلمي بجامعة الملك سعود أن الجامعات السعودية مازالت تعطي التدريس أولوية من حيث الحوافز مقارنة بالعبء التدريسي، كما أن مسمى الوظيفة هو عضو هيئة تدريس وليس عضو البحث العلمي. وأشار إلى أنه لا يشترط أن يكون كل عضو هيئة تدريس متميزًا في البحث العلمي، كما لا يشترط أن من يبدع أن تكون لديه شهادة الدكتوراة. وقال: إن البحث العلمي في جامعة الملك سعود يقع تحت إدارته 21 مركزًا بحثيًا موزعة على جميع كليات الجامعة، وهذه المراكز هي حلقة الوصل بين العمادة من جهة وأعضاء هيئة التدريس من جهة أخرى، وطالب الدكتور الزهراني في حواره مع “المدينة” بأن تكون هناك وزارة تحت مسمى “وزارة البحث العلمي” تعنى بالتخطيط وتوجيه بوصلة البحث العلمي في المملكة بما يخدم البيئة السعودية والاهتمام بالدراسات التي تسهم في إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل ذات بعد وطني. وفيما يلي نص الحوار: أنواع البحوث العلمية ** ما مدى الاستفادة من البحوث السابقة، وما طرق المواءمة بين متطلبات المرحلة وبين الاتجاهات العلمية الحالية للبحوث والدراسات؟ - هناك ثلاثة أنواع من البحوث العلمية، لكل نوع هدف يسعى الباحث إلى تحقيقه. أولها: البحوث الأساسية وهي البحوث التي تخدم العلوم البحتة مثل الرياضيات والفيزياء والكيمياء والفلك وغيرها، وهناك نوع ثانٍ من البحوث يخدم رغبة وتوجه الباحث نحو البحث في مجال معين يخدم نفسه فيه ويحقق له شهرة عالمية، وهذا النوع من البحوث يخدم الباحث في عدة مجالات من أهمها مجال الترقية، أما النوع الثالث: فهو الأبحاث التطبيقية التي تخدم قضايا التنمية، وهذا النوع من الأبحاث حتى تكون ذات قيمة في إحداث تغييرات مرغوبة في تنمية القطاعات الصناعية والزراعية والصحية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والبيئية وغيرها، هذا النوع من البحوث بحاجة إلى وجود تعاون وتنسيق بين مؤسسات البحث العلمي من جهة وبين القطاعات المستفيدة من نتائج الأبحاث، وحتى تكون هذه الأبحاث ذات قيمة اقتصادية وتسهم في حل قضايا التنمية لا بد أن تكون مواضيع هذه الأبحاث نابعة أصلًا من الجهات المستفيدة من نتائجها لاحقًا، بمعنى أن تكون هناك أولويات بحثية تتقدم بها القطاعات المختلفة وتتطلب دراستها للاستفادة منها، ولعل عدم وجود هذا النوع من التنسيق والتكامل يجعل البحوث السابقة غير ذات جدوى؛ لأنها لم تتبع مواضيعها أصلًا من القطاعات المستفيدة من نتائجها في المستقبل. ** ألا ترون أنه آن الأوان لإيجاد هيئة عليا للبحث العلمي في المملكة، تكون معنية بإيجاد القواعد السليمة المنظمة لانطلاقة أقوى؟ - أعتقد في هذه المرحلة التي تمر بها المملكة من حيث الاهتمام بالبحث العلمي التطبيقي والتوجه نحو اقتصاد المعرفة وإنشاء العديد من الجامعات وبداية تكون الوعي لدى المجتمع بأهمية البحث العلمي ورغبةً في توجه موارده نحو الاستخدام الأمثل؛ لتحقيق مستويات متقدمة وذات قيمة من الأبحاث، فإنه من الأهمية بمكان أن تكون هناك وزارة تحت مسمى“وزارة البحث العلمي”، تعنى بالتخطيط وتوجيه بوصلة البحث في المملكة بما يخدم البيئة المحلية وتسهم في إيجاد الحلول المناسبة لمشاكلها مثل الطاقة البديلة وتعزيز مصادر المياه والحفاظ على البيئة ومعالجة الظواهر الاجتماعية السلبية، وغيرها من القضايا التي تهم البيئة السعودية وتكون حلقة الوصل بين الوزارات والمؤسسات والقطاع الخاص وبين مراكز البحث العلمي. “رائد” و“داعم” ** ما الهدف من منح أبحاث أعضاء هيئة التدريس الجدد «رائد»؟ وإلى من يوجه المشروع؟ - مشروع منح أبحاث أعضاء هيئة التدريس الجدد “رائد” هو أحد المشاريع الطموحة التي وافق عليها معالي مدير الجامعة الدكتور عبدالله العثمان ضمن حزمة من المشاريع التطويرية التي قدمتها عمادة البحث العلمي للعام الماضي وهي الخطة الاستراتيجية للبحث في الجامعة ومشروع بوابة البحث العلمي “داعم”، وهذا المشروع “رائد”، وهذا المشروع موجه بصورة خاصة لأعضاء هيئة التدريس الجدد والذين لم يمض على تعيينهم على رتبة أستاذ مساعد أكثر من عامين، ويهدف المشروع إلى جذبهم نحو بيئة البحث العلمي، كما يهدف المشروع على استكشاف الباحثين المتميزين في وقت مبكر حتى يكونوا ركيزة أساسية للعمل البحثي المتميز في الجامعة. وتتمثل رؤية المشروع في تحقيق الريادة في تشجيع البحث العلمي وتوطينه لدى أعضاء هيئة التدريس الجدد بالجامعة، أما رسالة المشروع فتتمثل في كونه رائدًا في تحقيق التميز البحثي من خلال إيجاد بيئة بحثية جاذبة يتحقق من خلالها الريادة والتميز في البحث العلمي. ** هل عمادة البحث العلمي أوجدت بيئة للتنافس على البحوث والدراسات؟ - عمادة البحث العلمي بجامعة الملك سعود هي إحدى القنوات المهمة لتطوير وتنمية البحث العلمي في الجامعة، حيث يقع تحت إدارتها 21 مركزًا بحثيًا موزعة على جميع كليات الجامعة، وهذه المراكز هي حلقة الوصل بين العمادة من جهة وأعضاء هيئة التدريس من جهة أخرى، وقد استطاعت العمادة أن تسهم في نشر ثقافة البحث العلمي المتميز بين أعضاء هيئة التدريس وطلبة الدراسات العليا من خلال مشاريع تطويرية وطموحة، ومنها مشروع أبحاث أعضاء هيئة التدريس الجدد “رائد” ومشروع الخطة الاستراتيجية للبحث العلمي في الجامعة ومشروع بوابة البحث العلمي ومشروع البحوث الوطنية التطبيقية الثالث وغيرها من المشاريع التي أوجدت بيئة بحثية تنافسية بين أعضاء هيئة التدريس، وهذا ينسجم مع توجه الجامعة وهي أن تكون جامعة بحثية بالدرجة الأولى لتحقيق الريادة العلمية العالمية. البحث والإبداع ** هناك من يقول: إن البحث العلمي لن يستفاد منه ما لم يتم ربطه بالمجال التطبيقي، فما رأيكم؟ - البحوث التطبيقية هي نتاج تعاون وتكامل وتنسيق بين ما يسمى بنظم المعرفة والمعلومات والابتكار أو الإبداع العلمي، وهذا يعني أن جميع مؤسسات البحث العلمي في الجامعات والمراكز والمعاهد الأخرى ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية من جهة ومؤسسات القطاع العام والقطاع الخاص من جهة ثانية والمجتمع بجميع فئاته وشرائحه هي تشكل هذا النظام، لذا فإنه من الأهمية بمكان حتى نبدع في مجال البحث العلمي التطبيقي الذي يخدم مجالات التنمية في المملكة لا بد أن تعمل هذه المكونات بشكل تكاملي منسق من خلال إيجاد ثقافة بحثية تقود إلى الإبداع والابتكار وتظهر نتائجها وتطبق على أرض الواقع من خلال المؤسسات الأخرى وأفراد المجتمع عامة. فالبحث العلمي وحده لا يمكن أن يحقق الإبداع وحل قضايا الوطن والبيئة بدون نظام معلوماتي ومعرفي ابتكاري يؤهلنا للدخول في منظومة الدول المتقدمة والمصنفة ضمن ما يسمى بمؤشر الإبداع العالمي. فالإبداع البحثي والعلمي في الجامعات بحاجة إلى إبداع أيضًا في المستويات الأخرى إذ أن الجامعة بيئة صغيرة تتأثر وتؤثر في بيئتها الكبيرة وهي الوطن بجميع مؤسساته وشرائحه. ** هناك من يقول إن أعضاء هيئة التدريس لا يقومون بالبحث إلا من أجل الترقية وغيرها، كيف ترون ذلك؟ - الترقية هي مطلب أساسي لكل عضو هيئة تدريس، وإجراء البحوث لأغراض الترقية أمر مطلوب في كل جامعات العالم، لكن المهم ماذا بعد الترقية، ما نوعية الأبحاث التي يرغب عضو هيئة التدريس في إجرائها؟ هل يستمر في البحث أو يتوقف؟ كل هذا تحدده بيئة البحث العلمي في الجامعة ومستوى المعيشة والظروف الاجتماعية والبيئة التي يعاني منها الباحث. فعند وجود بيئة بحثية جاذبة وبنية تحتية مناسبة وحوافز مادية ومعنوية ومتابعة ومحاسبة يستطيع عضو هيئة التدريس إذا فرغ للبحث العلمي أن يبدع. إلا أن الملاحظ أن جامعتنا مازالت تعطي التدريس أولوية من حيث الحوافز مقارنة بالعبء التدريسي.