لم يكن غيرت بهير آدم القيادي الأفغاني ومندوب الحزب الإسلامي يومًا بعيدًا عن الأحداث ومراكز القرار في بلاده، وشارك هذا الطبيب في الجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفيتي في حقبة السبعينيات والثمانينيات، ثم هاجر إلى أستراليا وسافر إلى عدد من الدول الأوروبية والشرق الأوسط، وعمل سفيرًا لبلاده لدى المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان. وبعد عام من ضربات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 ألقي القبض على غيرت بهير آدم وزج به في معتقل غونتنامو لأكثر من ستة أعوام. وبعد الإفراج عنه عمل مندوبًا للحزب الإسلامي عام 2008 في عدد من الدول. وترأس في بداية شهر أبريل هذا العام وفدًا أفغانيًا من“الحزب الإسلامي”؛ لإجراء محادثات مع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي للعمل على إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان. و“المدينة” التقت غيرت بهير لتطلع منه على وقائع أولى جلسات الحوار التي دارت بين وفد“الحزب الإسلامي” والرئيس الأفغاني حامد كرزاي، وفيما يلي نص الحوار: * متى وكيف بدأ الحوار بين“الحزب الإسلامي” والحكومة الأفغانية؟ - بداية زيارتنا لكابل وإجراء محادثات للسلام في أفغانستان جاءت بعد إلحاح من الحكومة الأفغانية، كما أننا كنا نتبادل النقاش والآراء بيننا عبر الرسائل قبل عام ونصف العام، واللقاء الذي عقد في كابل مؤخرًا في بداية شهر أبريل هذا العام كان أول لقاء علني. نحن في“الحزب الإسلامي” نؤمن بالحوار وأهميته لجلب الأمن والاستقرار لبلدنا الذي تمزقه الحرب منذ أكثر من ثمانية أعوام. والمحادثات بيننا لم تكن حول قضايا أحادية كمصير تنظيم القاعدة في أفغانستان أو مستقبل زعيم الحزب الإسلامي“قلب الدين حكمتيار”، وإنما حول إيجاد آلية مشتركة بين الفصائل الأفغانية لإحلال السلام في البلاد. الأوضاع الآن تزداد سوءًا في أفغانستان والأمريكيون باتوا يدركون أنه لم يعد بمقدورهم وقف تقدم المقاومة، فهي تنتشر في معظم أرجاء البلاد، كما أن شريحة كبيرة من المجتمع الأفغاني بدأت تطالب بخروج المحتل من أراضيهم، وهذا ما يدفع واشنطن للقبول بمبدأ الحوار مع الفصائل الأفغانية، وما دون ذلك خيار لن يفضي إلا لمزيد من الإرهاق للقوات الأمريكية واستنزاف لخزينة بلادهم. حاليًا الكرة في ملعب الرئيس حامد كرزاي وحكومته، لقد قدمنا مقترحًا يحتوي على خمسة عشر بندًا أطلقنا عليه“ميثاق القادة الوطني”، وكان على رأس هذه الأجندة وضع جدول زمني منطقي للانسحاب الأمريكي والأجنبي من أفغانستان لا يتجاوز تسعة أشهر؛ لأن الحزب الإسلامي يرى سبب المعضلة الأفغانية يكمن في بقاء الاحتلال الأجنبي في أفغانستان فهو الذريعة الأولى لتنامي صفوف المقاومة وتمسكها برفع السلاح. * هل هناك أي تدخل أمريكي أو باكستاني في مشروع الحوار بين“الحزب الإسلامي” والحكومة الأفغانية؟ - لم يكن هناك أي تدخل من الجانب الأمريكي مباشرة، لكني أعتقد أن الحكومة الأفغانية ستملي على الأمريكان ما دار وسيدور في جلسات الحوار وماذا يمكن أن تفضي إليه مستقبلًا. أما باكستان فلم تتدخل مطلقًا في الحوار، لكني أرى أنها تشجع خطواتنا وتؤيد المحادثات مع الحكومة من أجل استتباب الأمن والاستقرار في أفغانستان. * كيف هي علاقة“الحزب الإسلامي” بحركة طالبان أفغانستان؟ - لا تربطنا بحركة طالبان أفغانستان علاقة مباشرة، ولكل حزب تاريخ يعود لأكثر من أربعة عقود، كما أن لكليهما أنصاره ومعارضيه. لكن حركة طالبان مازالت تعتبر ظاهرة جديدة على المسرح السياسي الأفغاني، وتملك رؤيتها الخاصة بها في كيفية علاج الوضع الراهن في أفغانستان كما أننا في“الحزب الإسلامي” نملك توجهاتنا الخاصة. ونحن نبذل قصار جهدنا لإقناع طالبان مشاركتنا في جهودنا الرامية لجلب الاستقرار، وإذا نجحنا في إقناعهم فهذا سيسرع من عجلة عودة السلام إلى بلدنا؛ لأنني أعتقد أن طالبان لها وزنها الكبير في أفغانستان ولا يمكن بناء جهود مثمرة للحوار دون إقناع مسلحي طالبان بأن يكونوا طرفًا فيه. * ما أهداف“الحزب الإسلامي” في أفغانستان؟ - رغم الجهود التي نبذلها من أجل إحلال السلام والاستقرار في أفغانستان إلا أننا لا نطمع بتحقيق مصلحة شخصية للحزب أو منافسة المسؤولين الأفغان على مناصبهم أو الدخول في حكومة ائتلافية، لكن إذا أجريت انتخابات حرة ونزيهة فسنشارك بها؛ لأننا نؤمن بانتقال السلطة عبر صناديق الاقتراع وليس عبر الرصاص والعنف. هدفنا الأول إخماد فتيل الحرب التي تشتعل منذ أكثر من ثمانية أعوام وتحقيق السلام والطمأنينة لجميع المواطنين بعد توحيد كلمة جميع الفصائل الأفغانية.