بعد الإعلان عن نيته للتوجه إلى القدسالمحتلة لتصوير الحلقة القادمة من برنامجه التلفزيوني (ضع بصمتك) ، أصبح الشيخ الدكتور محمد العريفي أول رجل دين مسلم يضع (بصمته) لدعم مبدأ التطبيع مع العدو المحتل . زيارة القدس في ظل الاحتلال هي اعتراف ضمني ليس فقط بحق ما يسمى بدولة إسرائيل في الوجود ، بل بسيادة ذلك الكيان على المدينة المقدسة . وهو ما لا يمكن إدراجه تحت شعار نصرة القدس الذي استخدمه العريفي لتبرير زيارته . إن فرض التطبيع هو أهم الأسس التي ترتكز عليها الاستراتيجية الإسرائيلية في تعاملها مع محيطها العربي ، وزيارة الشيخ العريفي للقدس هي أفضل هدية يمكن تقديمها في هذا الإطار . ذلك أن هذه الزيارة ستدعم المبدأ القائل بجواز التعامل مع إسرائيل باعتبارها أمرا واقعا . وهذه لن تكون سوى مقدمة لإعداد الوعي والضمير العربي والإسلامي لتقبل وجود إسرائيل وللقبول بسيطرتها على مقدساتنا، ومن ثم الموافقة على التعامل معها من باب الاضطرار . وهذا هو ما تريده إسرائيل بالضبط . إن مسألة التطبيع واضحة وضوح الشمس ، فالتطبيع يعني التعامل المباشر مع جهة ما .. وهذا التعامل يعني الاعتراف بهذه الجهة والإقرار بشرعية وجودها . وفي حالة العريفي فإن المسألة تتجاوز الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود لتصل إلى إقرار سيادة إسرائيل على مدينة القدس . وإلا فكيف يرضى العريفي أن يدخل إلى القدس بعد أن يطلب موافقة المحتل ويتعامل مع سفاراته في الخارج ومع سلطاته في الداخل ؟! لقد كانت المقاطعة ولا تزال سلاحا مهما في معركتنا ضد العدو المزروع عنوة في خاصرتنا . ولقد عجزت إسرائيل عن اقتحام السوق العربي حتى في الدول التي تجمعها بها علاقات دبلوماسية نتيجة لوفاء شعوب هذه الدول لمبدأ المقاطعة . وهذا يعني أن التطبيع كان ولا يزال مرفوضا رفضا كاملا إذا ما أقدمت عليه الدول ، فما بالك بالأفراد ؟! الكارثة أن العريفي ليس فنانا أو مثقفا يعتزم زيارة الكيان الغاصب، ولكنه رجل دين معروف وله تلاميذ وأتباع وله حضور إعلامي مكثف. وهو ما قد يمنح الزيارة المرتقبة صفة الواجب الشرعي . إذا كان العريفي لم يخدم قضية الوحدة الوطنية والتعايش الذي دعا له خادم الحرمين ، فأرجو ألا يكون أول (الباصمين) على التطبيع من رجال الدين.