أصبحت اللقاءات الدولية للفيلم الوثائقي في تونس موعداً سنوياً ينادى إليه كل من يسعى إلى سينما مختلفة عن السائد، تنشد الاكتشاف والتميّز والانفتاح، وذلك ما ستكشف عنه الدورة الخامسة التي ستحتضنها تونس العاصمة في الفترة من يوم غدٍ الخميس (1 إلى 4 ابريل)، حيث يلتقي ضيوف من مختلف الجنسيات بالجمهور والطلبة لإثراء النقاش والتحاور حول الفيلم الوثائقي كجنس سينمائي يصنع خصوصياته وتفرّده، من خلاله مشاهدة حوالي 60 شريطا من 20 بلداً هي: الجزائر وفلسطين والعراق ولبنان ومصر وسوريا والسنغال وفرنسا والنمسا وهولندا والبرتغال وبلجيكا وبولونيا والدنمرك وايطاليا وفنلندا وأمريكا واستراليا وسلوفاكيا والصين وتونس. وسيكون الافتتاح بعرض فيلم “كان يا ما كان” للمخرج التونسي هشام بن عمار، وهو عمل يروي رحلة نجاح وتألق فنان تونسي يعزف على آلة الكمان. أما الاختتام فسيكون بعرض فيلم “تأملني جيدا” للمخرجين الفلسطينيين زينة دكاش ورائد عندني، كما سيشهد يوم الاختتام بث أفضل خمسة أفلام علقت بالأذهان وغازلت الوجدان طيلة الدورات الخمس الماضية، بمناسبة احتفاء إدارة المهرجان بعيد ميلادها الخامس، في ظل نجاح لقاءات “وثائقيات” في تونس في جمع جمهور سينمائي وفيّ.. جمهور وجد في التظاهرة ما يلبّي توقه إلى سينما متميّزة وجادّة، فوقف إلى جانبها وساندها، ليس بالحضور المكثف فقط، بل وأيضاً بإثراء النقاش وتعميق الحوار حول مضامينها وأشكالها، وهو ما جعل التظاهرة دائمة التجدّد مع كلّ دورة من دوراتها، ولذلك تم برمجة باقة من أفضل الأفلام التي تميّزت في الدورات السابقة، مثل: “كابوس داروتي”، و”رجاء امنحني صوتك” و”خبزنا اليومي”. وبين الافتتاح والاختتام، تُعرض مجموعة من الأشرطة بشكل ماراثوني، إلى جانب العديد من الفقرات الموازية على غرار اليوم المتوسطي الذي ينتظم بالاشتراك مع قناة “ARTE” التي تدعم إنتاج وتوزيع الأشرطة الوثائقية، كما أنها شريكة مع المهرجان، وستكون هذه القناة حاضرة من خلال خمسة أشرطة اختارتها السيدة انّا ماريا لوداتو المسؤولة عن الاتصال بإدارة العلاقات الدولية بقناة “آرتي” الفرنسية، وتكون هذه الأشرطة متبوعة بنقاش مع الجمهور. كما ستُخصص مائدة مستديرة حول الشريط في حوض البحر الأبيض المتوسط، سيُعرض خلالها فيلم بعنوان “Poll et Sollers”، يصوّر بلدان المتوسط في بداية السبعينات، وسيكون النقاش خلال اللقاء حول واقع الفيلم الوثائقي في المتوسط وما يطرحه من أسئلة.. كما حرص مهرجان “وثائقيات” في تونس كذلك على التعريف بأعمال الجيل الجديد من المتخرجين والمؤلفين لمساعدتهم على تطوير السينما الوثائقية في تونس، وهو بقدر حرصه على إحياء الذاكرة السينمائية وإبقائها متّقدة في أذهان الأجيال الصاعدة، فإنه يعمل على تهيئة أرضية ملائمة لصنع مستقبل السينما الوثائقية في تونس. ومن هذا المنطلق تعرض الدورة الخامسة مشاريع التخرّج لطلبة المعاهد السينمائية وباكورات أعمال المتخرجين منها ضمن محور بعنوان “نحو سينما وثائقية واعدة” وخصصت له جوائز رمزية (20 و10 و5 ألاف دينار)، مع تمكين هؤلاء المخرجين والمؤلفين من فرصة عرض إنتاجهم في تظاهرات سينمائية عالمية. هذا بالإضافة إلى دروس في السينما يؤمّنها هذه السنة المخرج رضا الباهي، وتستهدف بدرجة أولى طلبة مدارس ومعاهد السينما والسمعي البصري وكذلك الإعلاميين والاتصاليين، وتكون هذه الدروس بمثابة الفضاء التكويني للتمرين على التحليل والنقد، وذلك بعد عرض فيلمين يتم إثرهما التوقف عند خصوصيات الكتابة السينمائية.