في تعاملاتنا الشخصية، نجد أننا نتعامل مع الآخرين بمنطق غلطة واحدة تدمر كل شيء، بمعنى أننا لا نعطي الآخرين فرصة عندما يخطئون في حقنا، وبالتالي فإننا نواجه نفس الموقف عندما نخطئ، ولا نجد مَن يعطينا فرصة ثانية؛ لأننا تعوّدنا أن نؤمن بأن الفرصة لا تأتي إلاَّ مرة، وكأننا نصرف الفرص من جيبنا الخاص!! ولو تأمّلنا قليلاً لوجدنا أن هذا المنطق يسود في مجتمعاتنا العربية في شتّى المجالات، فمن النادر أن نسمع عن توفر فرصتي عمل لشخص واحد، كما أن الخطأ عندنا لا يغتفر لأننا بصراحة نرى أن الفشل عيب في حقنا، ولا يليق بنا مع أننا لو ألقينا نظرة سريعة على قصص الناجحين لوجدنا أنهم أكثر الناس فشلاً في بداياتهم، وإلاّ ما كانوا ليصلوا إلى قمة النجاح. قد أكون بالغت في المقدمة، لكنني واثق أن الفكرة ستتضح من خلال مثال بسيط من الواقع.. فعندما صرح «فارياس» بأنه مدرب مكث 5 سنوات مع «بوهانج» الكوري دون أن يحقق بطولة، وأنه بحاجة إلى المزيد من الوقت مع الأهلي الذي لم يمضِ على إشرافه عليه سوى شهرين، فهاجت الدنيا وماجت، واتّهمه الجميع بأنه يبرر أخطاءه، ويحاول كسب المزيد من الوقت حتّى أن البعض وصفه بالفاشل! رغم أنه كان يعلّق آمالاًً عريضة قبل التعاقد معه، والسبب في ذلك أننا اعتدنا على إطلاق الأحكام المتسرّعة، وعدم إعطاء الفرصة لأيٍّ كان؛ لأن الفرصة عندنا لا تأتي سوى مرة واحدة. منذ قدوم «فارياس» تغيّر أداء الفريق الأهلاوي كثيرًا، وأصبح هناك هوية للفريق الذي كان قبل ذلك ضائعًا ويعتمد على تناقل الكرة بشكل بدائي حتّى أن جل أهدافه كانت عبارة عن هدايا مجانية يقدمها له خصمه، ولكن الشخصية الحقيقية للأهلي ظهرت بتكتيك «فارياس» الذي أعاد للأهلي أسلوب السامبا البرازيلية، التي لم يعرف الأهلي ولن يعرف غيرها؛ لأنها مركب أساسي في تركيبة الأهلي، ومن الصعب أن تتغيّر بين يوم وليلة، وهذا ما يطالب به «فارياس»، فهو لا يطلب سوى المزيد من الوقت للتعرف على الفريق بصورة كاملة، عندها سيقبل وصفه بالفاشل؛ لأنه أخذ الفرصة كاملة، ولم يبقَ لديه عذر مقنع. عودة «المسيليم» في اللقاء الأخير أعطت للأهلي الشيء الكثير، وهذا لا يقلل من قيمة الحارس الشاب «عبد الله المعيوف» وأدائه اللافت في الفترة الماضية، لكن الخبرة تلعب دورها، وفي المقابل يجب أن نصبر كثيرًا على موهبة سعودية قادمة في خط الدفاع، والتي تتمثل في المدافع الأهلاوي «محمود معاذ» الذي يحتاج إلى المزيد من الثقة ليغني الأهلاويين عن مدافع أجنبي، بات رحيله أمرًا حتميًّا بدون إعطائه فرصة أخرى على طريقتنا نحن العرب. نعم.. أخفق «فارياس» مرة، ومرتين، وثلاثًا، وقد يخفق مئة مرة لكنه في النهاية سيصنع فريق الأحلام بالنسبة للأهلاويين الذين يطمحون أن يشاهدوا فريقهم يومًا ما ينافس على وصافة الدوري. أخيرًا خلال مسيرة حياتي، واجهت العديد من الصعوبات والعقبات التي استطعت تجاوزها بفضل الله تعالى، واستفدت منها عددًا كبيرًا من الحكم والعبر، إلاّ أن الحكمة الأهم التي تعلمتها وأيقنت من صحتها تقول: (ما أروع الفشل!). [email protected]