رغم أن أصابع الاتهام ظلت لسنوات تشير إلى غلاء المهور كونه السبب الرئيسي لظاهرة العنوسة، إلا أن الواقع اثبت عكس ذلك مبلوراً أبعاد جديدة أدت إلى تأخر سن الزواج خاصةً في السنوات الأخيرة، مثل عدم استعداد الفتيات والشباب لمسؤولية الأسرة في سن مبكرة، إما طلباً في إكمال التعليم أو بناء الذات أو لطموح الجيل الجديد للتطلع للحياة العملية وتفضيلها على الحياة الأسرية، بالإضافة لأسباب أخري كالسفر والوظيفة والبعثة والنظر للعالم بمنظور مغاير، وهو ما رفع معدل العنوسة في المجتمع إلى نسب كبيرة. “المدينة” استطلعت آراء بعض الفتيات والشباب حول هذا الموضوع، حيث أكد كثيرون على أهمية دراسة ملامح الظاهرة التي تعاني منها كثير من المجتمعات، داعين للوقوف على هذه الأسباب وإيجاد الحلول الجذرية لها. فقد أبدى عدد الفتيات رأيهن في ظاهرة العنوسة التي باتت حديث لا يخلو من المجالس ومواقع الانترنت والحملات التي ينظمها شباب “الفيس بوك” ليعبروا من خلالها عن سبب تأخر سن الزواج من وجهة نظرهم، في ظل قلة الاختيارات وكثرة الضغوط العائلية والاجتماعية بالإضافة إلى انغلاق المجتمع. النجاح أهم في البداية تقول سامية الكثيري: أن إصرار الفتيات على التعليم ورغبتهن في إكمال دراستهن الجامعية مستبعدين بذلك فكرة الزواج إثناء الدراسة سبب في ارتفاع نسبة العنوسة في المجتمع السعودي بشكل كبير. فيما تقول حُسن الفايدي: أن عدم إيجاد الشخص المناسب من حيث التعليم والمستوى الاجتماعي والأخلاق الحسنة وتحمل المسؤولية أمر يواجه العديد من الفتيات اللاتي يعتبرن أن صورة شريك المستقبل الذي يتمتع بالمثالية وتوفر كافة هذه الصفات بات أمرا نادر الموجود. معادل موضوعي وترى ليلى أن تشدد الأهل على تكاليف الزواج أمر تسبب في نفور عدد كبير من الشباب المقبل على الزواج، وظاهرة طمع بعض الآباء في مرتبات بناتهم العاملات أحد عوامل تأخر الزواج وضياع فرص تكوين أسرة، وهو ما دفع كثير من الفتيات إلى الاستيعاض عن ذلك بالنجاح عميا وتعليميا، ليكون معادلا موضوعيا عن الزواج المبكر. وتقول هديل الداري: رغم أن العنوسة قد تمثل كارثة اجتماعية إلا أن هناك بعض الفتيات لا تمثل لهن العنوسة مشكلة حقيقية، حيث فضلن النجاح في الحياة العملية على الزواج، إلا أنني أرى أن خوف الأهالي على بناتهم بسبب ارتفاع نسب الطلاق وعدد المطلقات هو احد أسباب هذه الظاهرة أيضا التي يجب بحثها بدقة. تجنب المسؤولية أما عن رأى بعض الشباب في تأخر الزواج فأشاروا إلى عدة أسباب منها عدم تحمل الفتاة مسؤولية الأسرة أو أنه غير مستعد للتفكير في الزواج ومتطلباته فيما رأى آخرون أن الفتاة العاملة لها الأولوية لكي تساعد الشاب على تحمل تكاليف الحياة بسبب غلاء المعيشة.