يعيش العراق لحظات ترقب بانتظار الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابية العراقية، بعد أن أصبح من غير الممكن الحكم بشكل مبدئي على النتائج في ظل التنافس الشديد بين كتلتي "العراقية" وعلى رأسها إياد علاوي و"دولة القانون" وعلى رأسها نوري المالكي. واللافت في انتخابات العراق أن كل كتلة تسجل تقدما ولو جزئيا تشيد بنزاهة مفوضية الانتخابات، ثم إذا تأخرت جزئيا سارعت للتشكيك بنزاهة المفوضية وبدأت بالحديث عن التزوير وضرورة إعادة عد الأصوات، في ظاهرة تؤكد أن العراقيين أو على الأقل قياداتهم السياسية لا ترى فائدة من الديمقراطية إلى أن جاءت نتائجها لصالحهم وهو ما يهدد ديمقراطية العراق، الذي لم يتخلص بعد من تبعات الانقسام الطائفي والاحتلال الأمريكي له. فقائمة "العراقية" شككت بداية بنزاهة مفوضية الانتخابات العراقية عندما جاءت نتائجها متأخرة، ولكنها عادت للإشادة بنزاهة الانتخابات وأكدت تمسكها بنتائجها، بعد أن أصبحت كفة الأصوات تميل لصالحها. لكن الأكثر خطرا هو موقف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي أكد سابقا، خلال تصدره وقائمته لنتائج فرز الأصوات، أن الانتخابات نزيهة وأن الشكاوى المقدمة للمفوضية حول مخالفات "لن تتمكن من قلب النتائج". ولكن حين لاحت بوادر لخسارته في الانتخابات بدأ يطالب بلهجة شديدة بإعادة فرز الأصوات متكئا على منصبه الرسمي، وملوحا بالقوات المسلحة، مع تهديد مبطن بعودة العنف إلى البلاد كما دعا أنصاره إلى التظاهر احتجاجاً قائلاً إن كتلته سترفض النتائج ما لم يجر الفرز يدوياً. هذه الازدواجية في التعامل مع النتائج من مختلف القوى العراقية تحمل في طياتها تهديدا للديمقراطية العراقية الوليدة التي ربما لن يسمح لها بالنمو بل قد يلجأ السياسيون لتطويعها لتخدم أغراضهم الخاصة، وهو ما لن تقبله أطراف أخرى بالتأكيد في بلد لازال يحمل آثار مواجهات طائفية ويخوض تهديد جماعات إرهابية وآلاف من أفراد شعبه لاجئون حول العالم خوفا من الوضع الأمني المضطرب فيه. يجب على السياسيين العراقيين تحديد اختياراتهم والالتزام بها وبما أنهم جميعا قبلوا بصناديق الاقتراع حكما بينهم فالأفضل لبلادهم ولأنصارهم أن يلتزموا بهذا الاختيار، فهو الطريق الأفضل لعراق مستقر خاصة أن الشعب العراقي جرب قبل ذلك العنف والاقتتال ولم يخرج بنتيجة سوى الدمار.