الشيء الوحيد الثابت بالحياة هو التغير او التغيير . إن التغيير بحد ذاته خطوة استفزازية لأنه يثير لدى الغير الكثير من المخاوف و الغموض، و تغيير الذات لا يمكن تزويره و لا تقليد مظاهره، انه يكون او لا يكون. فعندما نبدأ المحاولة بالتغيير يداهمنا حس عميق بالاختناق، الضيق، الخوف و القلق. إنها الغصة من أول تغيير، إنها كالذي يرمي صخرة في بركة هدوئنا النفسي. التغير : هو عملية تحول من واقع نعيش فيه إلى حالة نرغب أن نكون فيها ( نتمناها ) . وهناك مجالات للتغير أهمها هو تغير المبادئ والقيم ( الفكر) وهو أساس كل تغير وينتج عنه تغير السلوك والتعامل مع الآخرين والتغير الاجتماعي أيضاً ( زواج .. سكن ..) كما يوجد أيضاً تغير في المسؤوليات ، ( الإنسان يجب أن تتغير حياته بتغير مسؤولياته ) وتغير الصلاحيات أي ( الحق المعطى للإنسان في أن يتصرف ويطاع ) ... ألخ هل التغير سهل أم صعب ؟ التغير سهل من الناحية النظرية .. لكن لابد من بذل الجهد من الناحية العملية. أصعب ما في عملية التغير هو أن يكون للإنسان الإرادة الجادة نحو التغير . ولا بد من لفت النظر نحو الفكرة القائلة إن هناك فرقا بين التغير الذي يحصل كردة فعل والتغير المقصود والموجه النابع من الإرادة ( الداخل ) حيث إن التغير ينطلق من داخل النفس . وهناك بعض المؤشرات لضرورة التغير : (أي أن الإنسان يحتاج إلى التغير) : 1- الإحباط ( فقدان الأمل ) . 2- الملل . 3- كثرة المشاكل . 4- تكرار الفشل . 5- ضعف الإنتاجية . 6- شعور الإنسان أن الحياة ليس لها أهمية . حين نريد التغير فنحن بحاجة إلى أمرين : 1- الإرادة الجادة 2- القدرة . وإذا تساءلنا أيهما أهم لتحقيق التغير فلنعلم أنها الإرادة .. لأن الإنسان حين يريد الحصول على شيء فإن إرادته تدفعه في توفير أسبابه وأدواته تماماً مثل الجائع الذي لا يملك قوت يومه فإن رغبته الشديدة في الطعام وإرادته القوية في الحصول عليه سوف تدفعانه في اتجاه البحث الحثيث واختراع ألف حيلة من أجل ذلك . فمع الإرادة القوية يمكن أن يحصل العاجز على قدرة ما وأن يتعلم الجاهل شيئاًً مما يحتاج إليه ويمكن اختراع شيء عظيم من شيء تافه .. إن من رحمة الله علينا بأن نستطيع أن نعمل على تقوية إرادتنا فهي ممكنة دائما ولكل البشر أما تنمية القدرات فهي غير متيسرة لكثير من الناس وذلك حسب الظروف . إلا أننا كثيراً ما نخلط بين القدرة والإرادة فنقول إننا لا نستطيع فعل كذا .. وكذا .. والحقيقة أننا لا نريده بسبب ترهل إرادتنا . تصوروا معي أن كل واحد منا يقف أمام لوحة ضخمة بيضاء وقد طلب منه أن يرسم بفرشاته الخاصة والتي سيغمسها في علب من الألوان المختلفة وتلك الألوان هي عمله ..خبراته .. خياله .. ذوقه ..طموحاته .. وأحلامه ..الخ يا ترى كيف ستبدو هذه اللوحة .. أظنها لوحة فنية تأسر العين لأنها تصور حياتنا .. قد نتنافس جميعاً ونعمل بإبداع ونجتهد في العمل ونبدأ بالتنظيم وتخطيط الأهداف ووضع الاستراتيجيات وذلك رغبة منا في إظهار كل منا لوحته هي الأجمل .. وشيئاً فشيء يظهر على السطح ما كان مغموراً داخل نفوسنا من الرغبة في التغير نحو تحقيق الكفاءة الشخصية الناتجة عن ( إدارة الذات ) على نحو جيد . وهي ليست عبارة عن تفوق الشخص على أشخاص آخرين وإنما تفوق الشخص على ذاته .. وهذا أعظم أنواع التغير – تغير الذات - .. ما أعظم أن ننظر إلى كل لحظة من عمرنا على أنها ( لمسة فرشاة ) .. ومع كل لمسة يولد جزء من اللوحة العظيمة وهذا يعني أن صورة ما نريد الوصول إليه متألقة في عقولنا ومتوهجة في نفوسنا ولهذا فنحن نسير نحوها بثقة و تفاؤل وعزم . أنا شخصيا أرى في تغيير نفسي أولا رمزا للتواصل الصحي مع المجتمع ورمزا للعلاقات الإنسانية المزدهرة و القيم الاجتماعية المتوارثة. فما أتعسك يا أيها الإنسان ان حاولت تغيير من حولك قبل أن تبدأ بتغيير ذاتك ، سوف تجد نفسك وحيدا في غياهب الأسى. فيا ليتك تستطيع التغير للأفضل لتظل تحترم نفسك وكما قال برناردشو: «القادر يفعل و العاجز يعظ» .