ما كاد يجفُّ محضر الجامعة العربية المجيدة، الذي أباح للسيد محمود عباس مباشرة مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لمدة 4 شهور، وبوساطة أمريكية (نزيهة).. ما كاد يجفُّ هذا الحبر حتى أعلنت إسرائيل اعتماد بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس، وما جاورها. الإعلان الذي تم بمناسبة وصول السيد بايدن نائب الرئيس الأمريكي إلى إسرائيل، والذي سبقه إليها الوسيط (النزيه) جورج ميتشل. طبعًا أُسقط في أيدي حمائم السلام العرب، كما أُسقط من قبل مليون مرة دون أثر. هو الحجر نفسه نُلدغ منه ألف مرة، ثم نرتمي في أحضانه ب(مبادرة) دائمًا من رئيس السلطة الفلسطينية، الذي أعلنه القادة العرب رئيسًا، أبديًّا، ديمقراطيًّا. وبعد غدٍ يصادف الذكرى السابعة لمقتل ناشطة السلام راشيل كوري، التي سحقتها بلدوزرات الجيش الإسرائيلي دون رحمة، وعمرها -آنذاك- 23 ربيعًا، وهي واقفة شامخة تحاول منع الإسرائيليين من هدم منازل الفلسطينيين في مدينة رفح في قطاع غزة، المتاخمة للحدود المصرية. هذه الفتاة التي قُتلت للدفاع عن مبدأ إنساني كريم، لا زال العالم يتذكّرها كل عام، بالرغم أنه قد نسي آلاف الكلمات (الفارغة) التي أدلى بها معظم الرؤساء الأمريكيين السابقين عبر نصف قرن أو يزيد، كما نسي آلاف الرحلات المكوكية، والاجتماعات الثنائية، والثلاثية، والرباعية، والخماسية، ونسي خرائط الطريق، ومعاهدات (الذل) التي شهدتها أوسلو، ومدريد، وواشنطن، وغيرها. طبعًا نسي العالم كذلك كل القمم العربية، والخطب الثورية، والاعترافات العلنية. عبر هذا التاريخ الطويل لم يتم على أرض الواقع إلاَّ ما أرادته تل أبيب، ولم ينفّذ من الاتفاقيات إلاَّ ما خدم إسرائيل. باختصار كل ما فعلته السلطات الفلسطينية السابقة واللاحقة، هو منح إسرائيل كل ما تريد اعترافًا بها، وإذعانًا لها، واستسلامًَا لمطالبها، وسكوتًا على جرائمها. أمّا ما أزعج إسرائيل فهم أولئك النشطاء الصادقون من أمثال راشيل كوري، والصامدون المخلصون من أمثال الشهداء أحمد ياسين، وعبد العزيز الرنتيسي، وإسماعيل أبو شنب، وغيرهم من القافلة الطويلة الزكية. مرة أخرى -بعد الألف- تصفع إسرائيل اليد التي تمد لها غصن الزيتون، فعاش الجبن والزيتون. [email protected]