قال الضَمِير المُتَكَلِّم: (إن المرء لا يوصف بحسن التديّن إذا كان قلبه قاسيًا، وعقله غاويًا، ولا يوصف بحسن الصلاح مَن أفسد قلبه الهوى. وأن محور العبادات هو تزكية النفس، وإخلاص السريرة، وتحقيق الحق لله رب العالمين، ولا نجاة ولا صلاح ولا نجاح ولا فلاح إلاّ بصدق عبودية الإله، وحسن المعاملة مع خلق الله. مَن هو هذا المتديّن الذي يقوم بعباداته، وهو كالح الوجه، بادي الشر، قريب العدوان؟! كيف يكون التديّن والصلاح إذا كانت رذائل الأخلاق تنخر في النفوس، وتمتلئ بها الصدور ليظهر ضررها ويبدو خطرها؟! ولقد علمتم أن المفلس في دين الإسلام مَن يأتي بصلاة وزكاة وصيام، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم وطرحت عليه، ثم طرح في النار! إن إحياء الدّين في النفوس وإحياءه في السلوك يكون بإحياء أخلاقه وتوجيهاته. ويجب أن تُجْلي حقائقُ الإيمان جواهرَ السلوك كما يجلي العبادات زاكي السلوك. الأخلاق في الإسلام من أصول الحياة الطيبة، وقال أهل العلم: الدّين كله خلق، فمن زاد عليك بالخلق زاد عليك في الدّين. الدّين هو الذي يرسم قواعد الأخلاق، ويحدد معالمها، ويرصد مقاييسها، ويمجد مكارمها. والدّين والأخلاق صنوان لا ينفصلان..). الجواب السابق مقاطع من خطبة معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد في المسجد الحرام الجمعة الماضية؛ هذه الخطبة يجب أن تُكتب بمداد من ذهب، وأن تُدرس، وأن تطبّق؛ فقد شخّصت واقعًا ملموسًا؛ أصبح فيه الإسلام مظهرًا وشكلاً، لا جوهرًا وسلوكًا؛ أضحى فيه التدين في المسجد، دون أن يقود المعاملات، أستأذنكم في فاصل وغدًا نواصل.. ألقاكم بخير والضمائر متكلّمة. فاكس: 048427595 [email protected]