يجد عدد من شباب رابغ متعتهم في ركوب البحر وصيد السمك. فيقضون جل أوقات فراغهم على ظهور قواربهم، يخوضون مياه البحر متسلحين بسلاح الصبر لمواجهة مخاطره والتغلب على أمواجه المتلاطمة.. وليس إبحارهم هذا بحثا عن المتعة فحسب، وإنما لاكتساب مهنة وطرق باب رزق حلال والسعي لكسب عائد مادي يسهم في تأمين جزء من مستلزمات حياتهم ويحقق كفايتهم الذاتية. يستمرون في ذلك ريثما يكملون تعليمهم وتدريبهم ويجدون فرص عمل ومصدر دخل أساسي يتلاءم وامكاناتهم ويحقق طموحاتهم. «المدينة» جالت على شواطئ رابغ، والتقت عددا من هؤلاء الشباب المكافح الذي يعتمد على نفسه، ولا يركن للكلل أو الكسل. في البداية تحدث الشاب باسم الشماسي لافتا الى أهمية الحفاظ على الحِرَف القديمة عامة ومهنة صيد الاسماك خاصة من الاندثار. وقال: ليس من طريق للحفاظ على الحرف إلا بتشجيع الشباب وتدريبهم على الإبحار وعقد الدورات التدريبية ومعرفة فنون ركوب البحر وكشف أسراره.. وممارسة الصيد ليس بالضرورة أن تكون مهنة رئيسية ولكن لتبقى مهنة مساندة مزدوجة الهدف؛ أي متعة وكسب في آن معا. وأكمل الحديث الشاب عصام حمدان البلادي بقوله: نحن ندرك أهمية المحافظة على المهن وفي الوقت نفسه نجد في ركوب البحر متعة كبيرة ناهيك عن ولع الصيد وفرحتنا كلما شاهدنا سمكة متعلقة بسنارة الصيد. وأشار الى أن اهتمام الشاب بتعليمه وتزوده ببعض الدورات التدريبية أمر في غاية الاهمية لان مستوى دخل المهن ضئيل ولا يفي بكامل متطلبات الفرد الحياتية. وتعلم الشباب مهن ابائهم واجدادهم لا يعني بالضرورة أن تكون مهنهم الرئيسية. وألقى عبدالله البيضاني اللوم على الشباب الخجولين من ممارسة الحرف والمهن الموروثة، لافتا الى أنه لا وجود لمبرر لخجلهم فالعمل شرف ومهنة في اليد أمان من الفقر باذن الله. وأبان أنهم اعتادوا ركوب القوارب ومجابهة صعاب البحر ومخاطره بحثا عن الرزق. وقال: نخرج في المساء بعد أن نتزود بما يلزمنا خلال رحلتنا من ماء وغذاء ووقود وزمن البقاء في عرض البحر تحكمه الظروف والامكانات والهدف الذي خضنا ماء البحر من أجله الا أننا في الغالب لانعود الا وقد حققنا جزء من تلك الاهداف وان تعددت فانها لاتخرج عن المتعة وصيد بعض حبات السمك. مشيرا الى أن ركوب البحر وصيد السمك علمهم الصبر والهدوء خصوصا وان البيئة البحرية في الغالب تقل فيها المنغصات والمكدرات الاجتماعية كون الفرد هناك قلما يجد من يحتك به ويتحدث اليه عدا رفاقه بالرحلة. وأكمل الحديث عادل الشامسي الذي رافقنا خلال جولتنا وكشف لنا عن الكثير من أسرار الرحلات البحرية، مؤكدا على أهمية معرفة الشباب للمسالك والدروب البحرية ومواقع القلاوات والشعاب المرجانية التي تشكل في الغالب خطورة كبيرة على المبحرين وقال اخبار رجال حرس الحدود بجهة ومكان الابحار أمر في غاية الاهمية حتى يتمكن رجال سلاح الحدود بمد المبحرين بالمساعدة والاهتداء الى مكانهم في اقرب وقت وبأقل جهد وأسرع وقت، فيما لو تعرضوا لعارض. كما أن ارتداء سترة النجاة التي يتهاون بها بعض الشباب ضروري جدا كونه أحد العوامل المساعدة في تحقيق النجاة بعد الله سبحانه وتعالى. وذكر الشامسي أن كل بيئة تؤثر في الافراد القاطنين في ظلها فالبيئة البحرية تعمل على جذب الشباب لكي يقضوا أوقات فراغهم في ظلها وتدفعهم للاستفادة بما تزخر به تلك البيئة من خيرات كالاسماك مثلا فتجد سكان المناطق الساحلية يتجهون للبحر فيما يتجه سكان البراري للاودية والجبال لصيد الطيور والحيونات البرية كالارانب والغزلان. و يهوى عدد كبير من الشباب في رابغ البحر ويستمتعون بركوبه وصيد أسماكه، فيما يجد فريق آخر متعته في الرحلات البرية أيضا وصيد الطيور وغيرها، وفي جميعها متعة وفوائد .