تابعت كما تابع غيري من القراء لمحلق الرسالة في المواجهة التي كان ضيفها العلامة أبو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري وبرغم معرفتي بفطاحل ورموز ومفكري المملكة أمثال السيد أمين مدني والشيخ عبد القدوس الأنصاري والسيد علي وعثمان حافظ والشاعر محمود عارف والشيخ عبد العزيز الرفاعي والأستاذ عبدالله بن خميس أطال الله عمره وغيرهم ممن شاهدتهم في دار العقاد بمصر حين كانوا يأتون إلى ندوة العقاد حتى بعد وفاته إلا انه أفزعني ما قاله العلامة عن العقاد. رحم الله أديبنا الكاتب الإسلامي عباس العقاد فقد عاش حياته كلها في حرب دائمة ومستمرة ضد دعاة المذاهب الهدامة بسبب تلك الكتابات الصريحة والمقروءة التي كان يفند بها دعاواهم فالعقاد يكاد يكون المفكر الوحيد الذي حارب الشيوعية والصهيونية ومن قبلها الفاشية والنازية ، لقد كان ذلك المفكر الإسلامي يقظا منذ شبابه فلم تستطع الأيدلوجيات التي فاض بها القرنان التاسع عشر والعشرون أن تلفه كما استطاعت أن تلف غيره من مفكرينا أو حتى تغشي نظرته للأشياء كما حدث للكثيرين من حملة الأقلام من أبناء جيله من مصر . عرف عن العقاد لامبالاته في كثير من الأحيان بمكائد قوى الهدم والتخريب حال حياته التي امتدت زهاء الخمسة والسبعين عاما . فقد كانت تلك اللامبالاة عندما ألف كتابه «الشيوعية والإنسانية» والذي صدرت طبعته الأولى عام 1350ه - 1956م أن يدفع حياته ثمنا لموقفه الصلب في مواجهة الشيوعية وكشف أساليبها وخطورتها على الإسلام والمسلمين. إن الحرب في حياة المفكرين من تلك المبادئ الهدامة تكون مستساغة ومتوقعة على أساس واحد وهو انها رد فعل في اقل القليل بالنسبة لما تحدثه كتاباتهم في مواجهتها وهي أي تلك الكتابات قصد أصحابها من ورائها تبصرة الناس بتلك المذاهب المخربة فإذا كانت تلك المبادئ في الغالب حملات يقوم بها بعض من الناس في تشويه صورة الكاتب عند قرائه أو إلحاق المذمة بسلوكه كذبا وافتراء على أساس المثل المعروف «إن الطلقة التي لا تصيب تحدث على الأقل دويا» فإذا ما استمرت تلك الحملات إلى ما بعد رحيل المفكر ووفاته فهذا مدعاة للدهشة والاستغراب . من حقنا هنا أن نسال هل من مصلحة القراء أن يسيء العلامة الظاهري اساءة بالغة لاسم وسيرة مفكر عربي وإسلامي كبير أجمعت المجامع العلمية والعالم الفكري باسهاماته الأدبية إلى جانب اختياره حال حياته لعضوية مجمع اللغة العربية ببلده مصر منذ إنشائه حتى وفاته 1964 كما اختير عضوا مراسلا بالمجمع العلمي العربي بدمشق لسنوات طويلة . إننا نرجو من الله جلت قدرته وهو الذي اقسم بالقلم أن يقينا والقراء الأعزاء من ذلك السلوك او الانحدار عند التحدث او الكتابة عن مفكرينا الكبار الذين خدموا الفكر العربي ودافعوا عن الاسلام كما انه لمن الامور التي يجدر بكل حامل قلم شريف في امتنا الإسلامية ان يقف في مواجهة تلك الأساليب التي بدت تتفشي في الكتابات بصورة مختلفة تقوم على عبارات ومغالطات على القمم الفكرية التي يعتز بها تاريخنا الأدبي . رحم الله العقاد الذي لا تزال الحروب تلاحقه وتلاحق فكره وكتاباته تارة بالمسخ المتعمد وأخرى بالإساءة والتجني عليه لا لشيء الا لأنه كان صارما حال حياته في حروبه مع الشيوعية ودعوات الهدم والتخريب الاخرى والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ويبحث له عن إجابة شافية.. لمصلحة من يقوم البعض بتشويه آراء وسيرة كبار مفكرينا وأدبائنا بعد وفاتهم؟! وفي الحلقة القادمة سأتحدث عن عبقرية العقاد.. جدة :6390719 [email protected]