مرض عضال، بات صوره مكرورة، نقرأ في كل يوم صفحات من مأساته، وتئن البيوت من ويلاته، ذلكم هو مرض (البطالة)، والتي أجزم يقينا أنها تشكل هاجسا للوالدين وبات الهمّ الأكبر بعد التخرج هو بقاء الأولاد من الجنسين قابعين في البيوت. وقد طالبت أصوات في مجلس الشورى بصرف إعانة للعاطلين بواقع 1000 ريال شهريا لكل عاطل، إلا أن هناك أصوات أخرى عارضت الفكرة، وهو ما شكّل خيبة أمل للأعداد الكبيرة من العاطلين ومعهم والديهم بطبيعة الحال. ولعمري أن تلك الحجج هي في مجملها نظرية بحتة، وتنبئ عن أن من عارض صرف الإعانة يعيش في برج عاجي ولا أتصور أبدا أنه عاني من هذا المرض، ولذلك جاءت معارضة الفكرة بناء على ما يعيشونه من ترف اجتماعي وبعد عن الواقع المعاش. فهم يقولون مثلا إن العمالة نسبتها كبيرة ولو رجعنا إلى واقعنا لقلنا نعم هذه حقيقة مُرّة لكن هذا لا ينفي وجود أعداد كبيرة من العاطلين وصرف مثل هذه الإعانة ولو بشكل مؤقت (إلى أن يتم إحلالهم مكان أولئك) سيعينهم على ما يعانونه من أمور الحياة. وإن تعجب فعجب قول بعضهم (وهو متخصص في الاقتصاد) إن المبلغ سيبلغ مليارات، وهذا عذر لا يمكن قبوله بحال فالدولة لا تبخل على أبنائها بل وتنفق مبالغ طائلة في أمور تتعلق بهم، فما هو الضرر إذا الذي جعلك يا عضو مجلس الشورى ترفض التصويت؟. لقد كنت أتمنى أن نستمع لرأي اللجنة الأمنية وهي التي يفترض أن يعلو صوتها في هذا الصدد؛ فالبطالة لها تأثير كبير على النواحي الأمنية ليس عندنا فقط بل في العالم أجمع فالعلاقة بينهما طردية بمعنى أن زيادة نسبة البطالة تعني زيادة نسبة الجرائم. لكن يبدو أن الأمر تم التركيز عليه من الناحية الاقتصادية وما يعتريه من جوانب مالية، وهو في ظني له أبعاد أخرى قد تكون أكثر أهمية؛ فالجانب الاجتماعي الذي أشرت إليه سابقا له بعده الخطير فقد أصبح الوالدان يخشيان من تخرج الابن أو البنت لاعتقادهما بعدم وجود وظائف مما يعني مأساة أسرية، وكذلك الجانب التعليمي؛ فبعض الطلاب والطالبات بات لا يحرص على التعلم؛ لعلمه أن التخرج يعني الالتحاق بركب البطالين مما أثّر على تحصيلهم ومواصلة مسيرتهم التعليمية، ونظرتهم للمستقبل. إن مثل هذا المبلغ الزهيد في واقعنا المعاش كان يفترض إقرار صرفه كإعانة لهؤلاء الشباب والشابات وبأطر معينة وضوابط محددة، وقد كفاني أحد أعضاء مجلس الشورى بقوله إن الألف ريال لا تكفي بنزين السيارة وسداد فاتورة الجوال،وتعجّبت إذ هو يعارض نفسه بنفسه حيث كان من المعارضين لهذه التوصية. إن العاطلين هم أبناء وبنات هذا المجتمع، أدّوا ماعليهم وتخرجو، ومن حقهم الحصول على وظائف مناسبة، وإلى أن يتحقق ذلك فصرف هذه الإعانة يخفف كثيرا من واقعهم المؤسف الذي آلوا إليه، وحتى لا يجتمع في حقهم مصيبتان فيرجى النظر إليهم بعين الإنسانية، وهذا نداء موجه باسمهم:أعينونا على البطالة. فهل من مجيب؟! Email: [email protected]