كشف تقرير صدر مؤخرا عن اتحاد اذاعات الدول العربية عن أن عدد القنوات الفضائية العربية قد بلغ عددها 696 قناة متنوعة المحتوى من بينها 97 حكومية. وتضمن معلومات مفصلة عن القنوات الفضائية وتصنيفها حسب اختصاصها وهيكلتها. التقرير أكد أن المنطقة العربية تشهد انفجارا اعلاميا فضائيا ، و دعا الى العمل من أجل تقييم المشهد الاعلامي العربي والتركيز على تنمية فكر المشاهد العربي عبر قنوات جادة تتخصص في المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية.وأفاد التقرير السنوي لأوضاع البث الفضائي العربي الصادر عن اللجنة العليا للتنسيق بين القنوات الفضائية العربية بأن قنوات المنوعات تنفرد بنسبة 4 ر23 بالمائة وهي أعلى نسبة بين القنوات المتخصصة تليها الدراما والمسلسلات ب «8 ر13» بالمائة ثم قنوات الرياضة ب «4 ر11» بالمائة واخيرا القنوات الأخبارية بنسبة 8 بالمائة . وأشار التقرير إلى تنامي القنوات الاجنبية الناطقة بالعربية وهي قنوات موجهة اساسا للجمهور العربي. * المستشار الاعلامي الدكتور مالك الاحمد قال : نحن اكثر منطقة في العالم كثافة في عدد القنوات بالنسبة لعدد السكان وكذلك لو اخذنا عدد القنوات بالنسبة للوضع المعيشي والقدرة الشرائية فأيضا نحن من اكثر المناطق في العالم كثافة تلفزيونية مع قوة شرائية محدودة ومن حيث ايضا القدرات فلو كان هناك 600 في امريكا فهذا مقبول وطبيعي لأن القدرة الشرائية والامكانيات المالية أكبر بكثير واشار الاحمد إلى ان المشكلة في القنوات العربية هي ان الفلسفة التي تنطلق منها اكثر هذه القنوات ليست فلسفة الربح والخسارة فجزء منها الربح والخسارة وجزء منها اسباب اخرى مثال ذلك القنوات الدينية أغلبها ليست قنوات تجارية ولا تستهدف الربح وانما تقديم مضمون هادف وبنائي ومحاولة للحفاظ على المجتمع وقيمه ومبادئه الاسلامية ونوع آخر من هذه القنوات وهو الذي يمثل الاهتمامات الشخصية وهي القنوات ذات الطابع الشعبي والشعر واغلبها عبارة عن اهتمامات لأصحابها وبالتالي يقدمون على انشائها من اجل تحقيق اهداف ذاتية وليس تجارية بحتة وهناك قنوات لها اجندة معينة ليست بنائية ولا تجارية وانما استرجاع ثقافة اضمحلت وايضا هناك القنوات ذات البعد الطائفي فهذه القنوات لا تكون ربحية ولا تمثل اهتمامات شخصية وانما تمثل محاولة لاحياء الابعاد الطائفية لبعض الطوائف وكلها نفس النمط تستهدف استرجاع قيم الطائفة وربط الناس بها أو دعوة غيرهم اما بشكل مباشر او غير مباشر والقنوات كلها تحاول ان تحقق ربحا وعائدا لكن كثيرا من القنوات لا تعمل بمهنية تجارية بمعنى اخر ان صاحب القناة يكون متوقعا انها لن تأتي بعائد فيقوم بالتالي يوفر موارد مالية للعمل ولكن المستقبل لن يستمر بهذه الصورة وسوف تتغير خارطة القنوات وسوف تختفي العديد منها وتبقى فقط القنوات القوية التي استطاعت ان تحصل اما على دعم مالي من جهات قوية او على عائد اعلاني تجاري يغطي تكلفتها او على الاقل جزء من هذه التكلفة . وعن امكانية دخول القنوات الدينية في معادلة الربح التجاري قال الدكتور مالك الاحمد ان القنوات الدينية من الصعب ان ترضح لان طبيعة المواد التي تنشرها هي مواد توجيهية ثقافية تربوية والتلفزيون طبيعته الخفة والتسلية والمعلن لا يبحث عن تبني اعلان في برامج ذات هذه الطبيعة والذي يمكن ان ينجح معاها هو الرعاية وهي مرتبطة بالقناعة الثقافية وليس القناعة التجارية . * من جهته قال الباحث الشرعي الدكتور عبدالرحمن طالب ان القنوات الفضائية تعتبر من أكثر الوسائل الإعلامية أثرا ، لأنها تجمع بين الرؤية والصوت والحركة وتجذب الانتباه وتثير الحواس أكثر من غيرها . فلها أثر بالغ في غرس القيم والقناعات في نفوس من يتابعها ،كما أن لها أثراً ملموساً في زعزعة قناعات واعتقادات وقيم لم يستطع أحد أن يزعزعها على مدى عقود عديدة ، فأتت هذه القنوات كأهم وسيلة إعلامية مؤثرة على شريحة واسعة من الناس لتحقيق أهداف أصحابها ، وعرض ذلك بطرق شتى ووسائل متنوعة ومحببة وتقدم القنوات الفضائية الأحداث وقت وقوعها ، وجانب التشويق فيها كبير جدا ، لذا نجد حرص مختلف التوجهات سواء من الرياضيين والتجار والسياسين بل وأصحاب المذاهب الفاسدة والمنحلة على استغلال هذه الوسيلة والاستفادة منها لإيصال رسالتهم . واكد طالب انه ينبغي أن توجه هذه القنوات للاستفادة منها في تعزيز القيم الأخلاقية ويتسابق أهل التوجهات الإسلامية لبناء مزيد من القنوات بعد دراسة متأنية وخطط تنطلق من حيث انتهى الآخرون وإذا تأخر أهل الفضل وأصحاب القيم عن نشر الدين والفضيلة ستترك المجال حتى لأصحاب الديانات الباطلة للتأثير علينا. وقد أعلن الفاتيكان عن مشروع يهدف إلى بناء أكثر من محطة تلفزيون تنصيرية تنقل تعاليم المسيح إلى شتى بقاع الأرض ولاسيما إفريقيا وآسيا حيث الكثافة الإسلامية العالية. فكان لزاماً علينا توجيه هذه القنوات ومناصحة ملاكها وربما تغيرت خط سيرها تماما مع النصيحة كما حصل ذلك مع قناة ( الخليجية). ويمكن إقناع التجار الكبار في الاستثمار في المجال الإعلامي لنشر مزيد من القنوات الدينية بل وإقناع مزيد من المراكز الدعوية لفتح القنوات وإيصال رسالة الإسلام بمختلف اللغات . * و قال الباحث عبدالرحمن حمياني : لا شك أن القنوات الفضائية أصبحت عاملا مؤثرا في حياة الناس ، سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو الأخلاقية ، بل إنها تؤثر بشكل مباشر على عقائد الناس والتي تعتبر أغلى ما يملكه الإنسان ، والموضوع الأهم في هذا المجال أنها أصحبت تمارس دورا تربويا داخل البيوت ، وأصبح الوالدان لا يمثلان في هذا المجال إلا نسبة ضئيلة جدا في جانب التربية والتأثير ، وفي مرحلة الطفولة لا يستطيع الأطفال التمييز بين الضار والنافع ، فيقعون في أحايين كثيرة فريسة لأخطاء القنوات الفضائية غير المسؤولة ، ومن هنا كان من الواجب على ملاك القنوات الفضائية بمختلف تخصصاتها أن تضع في حسبانها سلامة فكر المتلقي والحفاظ على نفسيته وأخلاقه من الانزلاقات التي تؤدي إلى انحرافات لا تحمد عقباها ، وفي هذا الإطار يدخل ضمن مسؤولية المنتجين والمشاركين في الأعمال الدرامية والبرامج المتنوعة المسؤولية الأدبية تجاه المجتمع بمختلف فئاته ، ولذا ينبغي على صنّاع الرسالة الإعلامية تلمس حاجات المشاهد وتقديمها في صورة محببة ، وفي الوقت ذاته عدم الرضوخ لنزوات فئة ، وأن يستبعدوا من قنواتهم كل ضار بأخلاق المسلمين وبخاصة الناشئة من الشباب والشابات.